محزّم الوسط بمنطقة، وكان يستظل بظل محملي. قال أبو عثمان: فقال لي يوما -وهو تحت ظل محملي-: يا أبا عثمان ما يقول أصحابكم-أصحاب (٥٦٠) الحديث-في القناعة؟ قال أبو عثمان: فقلت له من تلقائي: القناعة غنى، لأنه من قنع بما في (٥٦١) يديه استغنى (٥٦٢) عمّا في يد غيره (٥٦٣). قال: فقال لي: لكن أصحابنا السواديين (٥٦٤) يقولون: القناعة فقر، لأن كل من قنع (٥٦٥) لا (٥٦٦) يطلب ومن لم يطلب لا يكسب (٥٦٧) ومن لم (يكسب)(٥٦٨) فهو فقير، قال: أبو عثمان:
فسكتّ عنه ولم أكلمه بشيء، قال: فنزل إلى القيروان- (وكان له ريع)(٥٦٨) -فباع فندقا له في باب سلم، وباع دارا له وغير ذلك، ثم اشترى ثلاثين حملا حتى كملها مائة جمل بأحمالها وأعوانها، ثم توجّه يريد بلد السودان. قال أبو عثمان: فانقطع خبره من الوقت الذي خرج فيه إلى هذا الوقت فما أدرى ما فعل الله تعالى به وبجميع ما معه، قال: فذكرت خبره لبعض من يسافر إلى تلك الجهة، قال: يقال (٥٦٩) إنه نزل (٥٧٠) في بعض الرمال فأسفت عليهم الريح فدفنتهم أجمعين. قال أبو عثمان: فوقع في قلبي (٥٧١) أنه عوقب بما كلّمني به في القناعة.
(٥٦٠) في (ق): ما يقول أصحابكم في أصحاب ... وفي (ب): ما يقول في أصحابكم أصحاب الحديث. وأخذنا برواية (م) والمعالم (٥٦١) في (ق): عاقلي، وهي كلمة غير واضحة، والمثبت من (ب) والمعالم (٥٦٢) في (ب): استغنى به (٥٦٣) في (ق): يدي غيره، وفي (ب): أيدي الناس، والمثبت من (م). (٥٦٤) في (ب): السواديون. وهو خطأ. وفي المعالم السدادين، وهو تصحيف وشرحها ناشر المعالم عن التاج بقوله: التسديد للإبل: تيسيرها لكل مكان فيكون المراد: الجمالين. ولعل المقصود: السواديون: نسبة إلى سواد البصرة. (٥٦٥) في المعالم: تقنع (٥٦٦) في (ق): لم، والمثبت من (ب)، (م) والمعالم (٥٦٧) هذه عقيدة المعتزلة في نفي التوكل (٥٦٨) ساقط من (ب) (٥٦٩) في (ب): يقال (٥٧٠) في (ق): برك (٥٧١) في (ب): بقلبي، وفي المعالم: في نفسي