أتوا إليّ فقالوا لي: «نحن الصيارفة (١٧) أمرنا عبد الله بن أحمد بن طالب أن لا نصرف من أحد حتى ننظر في «كتاب الصرف»(١٨)، [فقرأته لهم، وعلمت أن ذلك تأويل الرؤيا](١٩).
قال أحمد: فأتى إليّ رجلان منهم فسألاني عن مسألة فقلت لهما (٢٠): «لا تحل، فإنه ربا» فقالا لي: «فإن ابن الأشج (٢١) قال لنا: أديروا بينكم ما شئتم من بيع حرام، ثم تعالوا إليّ أجعله لكم حلالا (٢٢)» فقلت لهما: «لا حول ولا قوة إلا بالله، حرام، حرام! قوما عنّي».
وكان ابن الأشج هذا عراقيا، وكان إذا أراد أن يجوّز الربا بين الناس يقول لأحدهم (٢٣): خذ الهرّ فاجعل في عنقه خمسين دينارا، وبعه بمائة إلى أجل، فإذا أخذ الهرّ المشتري له وأقام عنده أياما فامض إليه وقل له: «عسى ذلك الهر ترده إلينا، فإن الفيران قد أكلونا (٢٤)»، فيرده إليه؛ فكان هذا فعله مع الناس.
وقال أحمد: دخل عليّ بكر بن حماد فتحدث عندي ساعة، فقلت له:
«أيش قلت؟ » فقال: «قلت هذه الأبيات (٢٥):
نهار مشرق وظلام ليل ... ألحّا بالبياض وبالسواد
هما هدما دعائم عمر نوح ... ولقمان وشداد بن عاد (٢٦)
(١٧) في الأصل: نحن الصارفة والمثبت من المعالم. (١٨) هو باب مهم من أبواب الفقه-وهو المقصود هنا وليس كتابا بعينه-ينظر مثلا «كتاب الصرف» من مدونة سحنون ٣٩٣: ٣ - ٤٤٧.والصرف-كما نقل النسفي عن الخليل بن أحمد: فضل الدرهم على الدرهم. ومنه اشتق اسم الصيرفي والصراف لتصريفه بعض ذلك في بعض. طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية ص ١١٣، المغرب في ترتيب المعرب ص ٢٦٦. (١٩) زيادة من المعالم. (٢٠) في الاصل: لهم. (٢١) هو ابو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن الأشج. فقيه قيرواني، عراقي المذهب. توفي سنة ٢٨٦.ينظر عنه: طبقات الخشني ص ٢٢٠، ١٩٣، معالم الايمان ٢٣٢: ٢. (٢٢) في الاصل: حلال. (٢٣) في الاصل: لاحدهما. (٢٤) كذا في الاصل. (٢٥) وردت المقطوعة في الدر الوقاد من شعر بكر بن حماد ص ٧٦ نقلا عن الرياض. (٢٦) كذا في الأصل. وقرأها ناشر الطبعة السابقة: شداد وعاد. وعنه نقلها صاحب الدر الوقاد.