لك العافية» فقال المبتلى:«لا تفعل يا أبا محمد، فإني إذا وجدت العافية سكنت عروقي وجوارحي فلم أناج ربي، وإذا ضربت عليّ عروقي ناجيت ربي سبحانه».
أخبرني سليمان بن سالم عنه، قال (١١): كنت جالسا عنده، فأتاه ثلاثة من المبتلين (١٢) فقالوا: «مات عندنا رجل يقول بخلق القرآن، فما نصنع به؟ » فقال:
«إن وجدتم/من يكفيكم مؤنته فلا تقربوه»، فسكتوا ثم أعادوا السؤال ثانية فأجابهم بمثل الأول. ثم أعادوا السؤال ثالثة، فأجابهم بمثل ذلك، فقالوا:«لا نجد من يكفينا مؤنته» فقال لهم: «اذهبوا فواروه من أجل التوحيد».قال سليمان:«يريد تغسلونه وتكفنونه وتصلون عليه وتدفنونه».
قال أبو الحسن بن الخلاف بخطه: قال عون بن يوسف: «إذا أردت أن تكفر القدري فقل له: «ما أراد الله عزّ وجل من خلقه؟ » فإن قال: «أراد منهم الطاعة» فقد كفر، لأن منهم من عصى، وكل إله لا تتم طاعته فليس بإله. وإن قال:«أراد منهم المعصية» فقد كفر، لأن منهم من أطاع وكل إله لا تتم إرادته فليس بإله».
قال:«فإن قال لك المسئول: «ما أراد منهم؟ » فقل: «أراد منهم الذي أراد لهم والذي كان لهم» -يريد ما سبق لهم عنده في اللوح المحفوظ.
قال عون (١٣): ولقد بلغ بعض [الخلفاء](١٤) أن رجلا تكلم في القدر، فبعث إليه ونهاه، فقال:«يا أمير المؤمنين، ابعث إليّ من يكلمني، فإن ظفر بي فاقتلني، وإن ظفرت به فما لك عليّ سبيل».فبعث في طلب الأوزاعي فأتاه فأخبره بما قال الرجل، وقال:«خاطبه وحاججه»[والله لئن ظفرت به لأقتلنّه](١٤). فقال له الأوزاعي:«أسألك أو تسألني؟ » فقال له القدري: «سلني ولا تكثر» فقال له الأوزاعي: «هل علمت أن الله عزّ وجل قضى على ما (١٥) نهى عنه؟ » قال القدري:«ما عندي من هذا علم» فقال له الأوزاعي: «هل علمت أن الله تعالى حال دون ما أمر به؟ » فقال: «هذه أعظم من الأولى، ما عندي من هذا علم» قال
(١١) النصّ في المدارك ٩١: ٤.بنفس الاسناد. (١٢) في الأصل: المبتلاين. وفي المدارك: رجال. (١٣) الخبر في محاسن المساعي في مناقب أبي عمرو الاوزاعي ص ١٠٦ - ١٠٩ مع بعض الاختلاف. (١٤) زيادة من (م). وفي محاسن المساعي: هشام بن عبد الملك. (١٥) كذا الرواية في الأصول ومحاسن المساعي.