أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لن يتقرب العباد إلى الله تعالى بأفضل من رد كبد جائعة»(١١).
قال أبو العرب (١٢): سألت أبا يحيى بن محمد بن يحيى بن السلام، خاليا، عن قول جده في الإيمان، فقال لي: كان جدّي يقول: «الإيمان قول وعمل ونية».وكان يحيى ثقة صدوقا لا يقول عن جدّه إلا الحق.
وعن (١٣) أبي القاسم السدري، أنه كتب إليه عيسى بن مسكين يقول: حدثنا عون بن يوسف قال: قلت ليحيى بن السلام: «إن الناس يرمونك بالإرجاء»، قال عون:«فأخذ يحيى لحيته بيده وقال: أحرق الله هذه اللحية بالنار إن كنت دنت الله عزّ وجلّ قط بالإرجاء»، فقيل لعيسى:«فما تقول أنت فيه؟ » فقال: «والله إنه لخير منا، وقد برأه الله مما يقولون».
وفي موضع آخر: كيف وقد حدثتكم أنه بدعة؟
قال أبو العباس بن حمدون: «سمعت محمدا بن يحيى يقول (١٤): كنت أمشي مع أبي رحمه الله تعالى، إلى أن انتهينا إلى موقف الخيل (١٥)، فبينا نحن نمشي إذ جبذني جبذة (١٦) شديدة ثم دخل إلى سقيفة وأدخلني معه، فقلت له: يا أبي: ما قصتك؟ -فقال: يا بني إني (١٧)[رأيت](١٨) غريما لي فخفت أن يراني فيرتاع مني أو يخاف، وذكرت قول الله تعالى:(وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ)(١٩).
فقعدنا ساعة، ثم خرج أبي فخرجت معه؛ فلما أن مشينا قليلا قال: يا بني، إنه جاء في الحديث:«من رحم يرحم».
(١١) في المعالم: جائع. (١٢) النص في الطبقات. (١٣) قارن بالطبقات ص ٣٧. (١٤) النص في المعالم ٣٢٤: ١. (١٥) لعله الموضع المعروف بمنية الخيل. ينظر عنه: تاريخ افريقية ص ١٩٤، ١٦٢، ١٥٨، ٢٠٩، ٢٠٥. (١٦) لغة في جذب. ينظر: اللّسان (جبذ). (١٧) في الاصل: لي. (١٨) زيادة في المعالم. (١٩) سورة البقرة آية ٢٨٠.