وقد روى سفيان، عن منصور، عن ذر، عن يُسَيْع الكِنْدي، عن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول على المنبر:"إنَّ الدُّعَاءَ هُوَ العِبادةُ"، ثم قرأ: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (٦٠)} [غافر: ٦٠] رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
أحدها: أنهم قالوا: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى، فاعترفوا بأن دعاءهم إيَّاهم هو عبادتهم لهم.
الثاني: أن الله تعالى فَسَّر هذا الدُّعاء في مواضعَ أُخَرَ بأنه العبادةُ، كقوله: {وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (٩٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ (٩٣)} [الشعراء: ٩٢ - ٩٣]، وقوله:{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ}[الأنبياء: ٩٨]، وقوله: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (٢)} [الكافرون: ١ - ٢]، وهو كثير في القرآن، فدعاؤُهم لآلهتهم هو عبادتُهم لها.
(١) أخرجه أبو داود رقم (١٤٧٩)، والترمذي رقم (٢٩٦٩)، وابن ماجه رقم (٣٨٢٨)، وابن حبان "الإحسان": (٣/ ١٧٢)، والحاكم: (١/ ٤٩١)، وغيرهم. قال الترمذي: "حديث حسن صحيح". وصححه ابن حبان والحاكم، وقال الحافظ في "الفتح": (١/ ٦٤): "سنده جيِّد".