فأمَّا بعد ذلك فإنَّه مخْبِرٌ لكما بحكمه، فيقول الشاهد: أَخبَرني أو أَعْلَمني أنَّه حكم بكذا في وقت كذا.
وأجاب أبو الخطَّاب وابن عَقِيل (١): بأنه لا يجوز أن يقولا: "أشهدنا"(٢)، وإنَّما يقولان: أخبرنا أو أعلمنا.
قلت: الصَّوابُ المقطوع به أنَّه يجوز أن يقولا: "أشهدنا" كما يقولان: "أعلمنا وأخبرنا"(٣)؛ لأنَّ الخبر شهادةٌ فكلُّ مخبرِ شاهدٌ. قال تعالى:{وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا}[يوسف: ٢٦] ثم ذكر شهادته فقال: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ}[يوسف: ٢٦].
وقال ابن عباس:"شَهِدَ عندي رِجَالٌ مَرْضيُّونَ أنَّ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن الصَّلاة بعد العصر"(٤) الحديث.
وقال علي بن المديني: أقول: إنَّ العَشرَةَ في الجنَّة، ولا أشهد بذلك، فقال الإمام أحمد: متى قلت: "هم في الجنَّة" فقد شهدتَ (٥).
قالْ شيخُنا: وهذا صريحٌ من أحمد أن لفظ الشَّهادة ليس بشرط، قال: وهو الصَّحيح (٦).
(١) "وابن عقيل" سقطت من (ق). (٢) "أن يقولا: أشهدنا" سقطت من (ق). (٣) من قوله: "قلت: الصواب ... " إلى هنا سقط من (ق). (٤) أخرجه البخاري رقم (٥٨١)، ومسلم رقم (٨٢٦). (٥) ذكر القصة في المناظرة بينهما أبو يعلى وشيخ الإسلام فيما نقله ابن القيم في "الطرق الحكمية": (ص/ ٢٠٤)، وانظر مناظرات أخرى للإمام في "السُّنة": ٢/ ٣٥٦ - ٣٥٩ للخلال. (٦) انظر: "مجموع الفتاوى": (١٤/ ١٧٠).