لا خلاف بين الفقهاء في أنه يجب الثبات في الجهاد، ويحرم الفرار منه لقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ}(٢)، وقال الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}(٣).
والفرار كبيرة موبقة بظاهر القرآن وإجماع الأكثر من الأئمة (٤).
وقد عدّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفرار من الزحف من السبع الموبقات بقوله:«اجتنبوا السبع الموبقات -ثم ذكر منها-: التولي يوم الزحف»(٥).
وذهب الجمهور إلى أنه يحرم الفرار، ويجب الثبات بشرطين:
أحدهما: أن يكون الكفار لا يزيدون على ضعف المسلمين، فإن زادوا عليه جاز الفرار؛ لقوله تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ
(١) سورة الأنفال: ١٥. (٢) سورة الأنفال: ١٥. (٣) سورة الأنفال: ٤٥. انظر: انظر: الاختيار لتعليل المختار (٤/ ١١٧)، القوانين الفقهية (ص: ٩٧)، روضة الطالبين (١٠/ ٢١٤)، كشاف القناع (٣/ ٣٧)، الموسوعة الفقهية الكويتية (١٦/ ١٥٧). (٤) انظر: تفسير القرطبي (٧/ ٣٨٠)، الإنجاد في أبواب الجهاد للقرطبي (ص: ٢٠٧). (٥) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الوصايا، باب قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: ١٠]، رقم (٢٧٦٦)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان: باب الكبائر وأكبرها، رقم (١٤٥).