الرابع: ولأن الظاهر من حال من أجمع الصيام من الليل أنه لا يجيء سائلا عن الغداء، وإنما يسأل عن الغداء أحد شخصين: المفطر، أو المتلوم (١)(٢).
الدليل الثاني: عن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلا ينادي في الناس يوم عاشوراء:«أن من أكل فليتم أو فليصم، ومن لم يأكل فلا يأكل»(٣).
وفي رواية:«من كان لم يصم فليصم، ومن كان أكل فليتم صيامه إلى الليل»(٤).
وجه الاستدلال: إن قيل: إن صيام يوم عاشوراء كان نفلا فهو نص؛ فقد أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بصومه من النهار (٥).
وإن قيل: إن صيامه كان فرضا، فجواز الفرض بنية من النهار يدل على جواز النفل بطريق الأَولى (٦).
الدليل الثالث: عن عائشة - رضي الله عنها - قالت:«ربما دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغدائه فلا يجده، فيفرض عليه الصوم ذلك اليوم»(٧).
الدليل الرابع: أن أبا طلحة (٨) - رضي الله عنه -: «كان يأتي أهله في الضحى, فيقول: هل عندكم من غداء؟ فإن قالوا: لا، صام ذلك اليوم وقال: إني صائم»(٩).
(١) المُتَلَوِّم: المنتظر لقضاء حاجته. ينظر: النهاية ٤/ ٢٧٨، المعجم الوسيط ٢/ ٨٤٧، الفائق للزمخشري ٤/ ٥٩، تاج العروس ٣٣/ ٤٥٥. (٢) ينظر: شرح العمدة كتاب الصيام ١/ ١٨٦. (٣) سبق تخريجه صفحة (١١٣). (٤) سبق تخريجه صفحة: (١١٣). (٥) ينظر: الحاوي ٣/ ٤٠٥، المغني ٣/ ١١٤، المبسوط ٣/ ٨٥. (٦) ينظر: المبسوط ٣/ ٨٥. (٧) سبق تخريجه صفحة (١٥١). (٨) هو: زيد بن سهل بن الأسود بن حزام النجاري الأنصاري, صحابي من الشجعان الرماة المعدودين في الجاهلية والإسلام, شهد العقبة وبدرا وأحدا والخندق وسائر المشاهد, روى عنه: ربيبه أنس بن مالك، وعبد الله بن عباس، وابنه عبد الله, وغيرهم, وتوفي في المدينة سنة ٣٤ هـ. ينظر: أسد الغابة ٢/ ٣٦١، والاستيعاب /٥٥٣، الإصابة ٢/ ٥٠٢. (٩) أخرجه البخاري تعليقا ٣/ ٢٩, كتاب الصوم، باب إذا نوى بالنهار صوما, ووصله: عبد الرزاق في المصنف ٤/ ٢٧٣ رقم ٧٧٧٧, كتاب الصيام، باب إفطار التطوع وصومه إذا لم يبيته، والبيهقي في السنن الكبرى ٤/ ٣٤٢ رقم ٧٩١٧, باب المتطوع يدخل في الصوم بنية النهار قبل الزوال.