[المطلب العاشر: تعيين الأفضل في صيام ثلاثة أيام من كل شهر.]
اختيار الشيخ: اختار استحباب صيام أيام البِيض (١) من كل شهر، فقال:
"وفيه دليل على استحباب صوم أيام البيض" (٢).
تحرير محل الخلاف: اتفق الفقهاء على استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر (٣).
واختلفوا في تعيينها على عدة أقوال (٤) أشهرها قولان:
القول الأول: أنها أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة من الشهر.
وبه قال: الحنفية (٥) , والشافعية (٦) , والحنابلة (٧)، وهو اختيار الشيخ.
القول الثاني: أنها ثلاثة أيام غير معينة، ويكره تعيينها.
وبه قال الإمام مالك، وهو المشهور في المذهب (٨).
سبب الخلاف: والسبب في اختلافهم -والله أعلم- سببان:
السبب الأول: اختلافهم في تصحيح الأحاديث المُقَيِّدة لصيام الثلاث بأنها أيام البيض.
السبب الثاني: مخالفة عمل أهل المدينة للأحاديث المُقَيِّدة.
أدلة القول الأول: القائلين بأنها أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة من الشهر.
الدليل الأول: عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا أبا ذر! إذا صمت من الشهر ثلاثة أيام, فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة» (٩).
(١) أيام البِيض: بالإضافة؛ لأن البيض من صفة الليالي، أي: أيام الليالي البيض. سميت لياليها بيضا لأن القمر يطلع فيها من أولها إلى آخرها. ينظر: النهاية ١/ ١٧٣، القاموس المحيط ١/ ٦٣٨.
(٢) مرعاة المفاتيح ٧/ ٨٥. أي في حديث أبي ذر الآتي ذكره في نفس الصفحة (٤٧١).
(٣) ينظر: المبسوط للسرخسي ١١/ ٢٣١، إكمال المعلم ٤/ ١٣٢، المجموع ٦/ ٣٨٤، المغني ٣/ ١٨٠.
(٤) أوصلها الحافظ ابن حجر إلى عشرة أقوال، ينظر: فتح الباري ٤/ ٢٢٧.
(٥) المبسوط ١١/ ٢٣١, بدائع الصنائع ٢/ ٧٩, البحر الرائق ٢/ ٢٧٧, رد المحتار ٢/ ٣٧٥.
(٦) الحاوي الكبير ٣/ ٤٧٤, التنبيه ص ٦٧, فتح العزيز ٦/ ٤٧٠, المجموع ٦/ ٣٨٤.
(٧) الكافي ١/ ٤٥٠, المحرر ١/ ٢٣١, شرح الزركشي ٢/ ٦٤٢, الإنصاف ٣/ ٣٤٢.
(٨) النوادر ٢/ ٧٥, المقدمات ١/ ٢٤٣, مواهب الجليل ٢/ ٤١٤, شرح خليل للزرقاني ٢/ ٣٥٣.
(٩) رواه الترمذي ٣/ ١٢٥ رقم ٧٦١, في الصيام, باب ما جاء في صوم ثلاثة أيام من كل شهر, وقال: "حديث حسن", والبيهقي في السنن الكبرى ٤/ ٤٨٦ رقم ٨٤٤٥, في الصيام, باب من أي الشهر يصوم هذه الأيام الثلاثة, وحسنه أيضا الألباني في الإرواء رقم ٩٤٧.