اختيار الشيخ: اختار أنه يقضى عن الميت جميع ما وجب عليه من صيام، فقال عن حديث ابن عباس -الذي فيه صيام النذر-، وحديث عائشة -الذي فيه مطلق الصيام-: "وفيه أنه ليس بين الحديثين تعارض حتى يجمع بينهما، فحديث ابن عباس صورة مستقلة سأل عنها من وقعت له. وأما حديث عائشة فهو تقرير قاعدة عامة"(١).
تحرير المسألة: جاء في المسألة السابقة أن العلماء اختلفوا: هل يقضى الصوم عن الميت أو لا يقضى؟ على قولين، والذين أجازوا قضاء الصوم عن الميت اختلفوا في نوع الصوم الذي يقضى عنه على قولين:
القول الأول: يقضى عن الميت جميع ما وجب عليه من صيام، سواء كان قضاء رمضان أو نذر، أو كفارات.
وبه قال: الشافعي في القديم (٢) , والظاهرية (٣) , وأبو ثور (٤)، وهو اختيار الشيخ.
القول الثاني: يقضى عنه النذر فقط ويطعم عنه في ما سواه.
وبه قال: الحنابلة (٥).
سبب الخلاف: والسبب في اختلافهم والله أعلم هو اختلافهم في المقصود من الصوم الذي يقضى عن الميت الوارد في الأحاديث التي ستأتي معنى في الأدلة إن شاء الله.
أدلة القول الأول: القائلين بأنه يقضى عن الميت جميع ما وجب عليه من صيام، سواء كان قضاء رمضان أو نذر أو كفارات.
الدليل الأول: عن عائشة - رضي الله عنها -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«من مات وعليه صيام صام عنه وليه»(٦).
(١) مرعاة المفاتيح ٧/ ٣١. وسيأتي حديث عائشة ص ٥٩٣، وحديث ابن عباس ص ٥٩٥. (٢) المجموع ٦/ ٣٧٠، منهاج الطالبين ص ٧٧، النجم الوهاج ٣/ ٣٣٥، مغني المحتاج ٢/ ١٧٢. (٣) المحلى ٤/ ٤٢٠. (٤) التمهيد ٩/ ٢٨، الاستذكار ٣/ ٣٤١، والمحلى ٤/ ٤٢٠، مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٤٦. (٥) مسائل أحمد رواية صالح ٢/ ١٨٩, المغني ٣/ ١٥٣, شرح الروض المربع ٣/ ٤٤٠. (٦) سبق تخريجه صفحة (٥٨٦).