[المطلب السابع: حكم اشتراط التتابع في صيام كفارة الجماع في رمضان.]
اختيار الشيخ: اختار اشتراط التتابع، فقال: "وفيه اشتراط التتابع، وعلى هذا جمهور الفقهاء. وقال ابن أبي ليلى: ليس التتابع بلازم في ذلك، والحديث حجة عليه" (١).
تحرير محل الخلاف: عرفنا في المسائل السابقة أن من خصال الكفارة التي تجب على المجامع في صيام رمضان: صيام شهرين؛ وذلك لوروده في حديث الأعرابي الذي جامع في رمضان.
وقد اختلف الفقهاء هل يشترط أن تكون متتابعة أو يجوز أن تكون متفرقة؟ على قولين:
القول الأول: يشترط في صوم هذه الكفارة التتابع.
وهو قول: الحنفية (٢) , والمالكية (٣) , والشافعية (٤) , والحنابلة (٥)، والظاهرية (٦)، وهو اختيار الشيخ -رحمه الله-.
القول الثاني: يجوز أن تكون متفرقة.
وبه قال: عبد الرحمن بن أبي لَيلى (٧).
أدلة القول الأول: القائلين بأنه يشترط في صوم هذه الكفارة التتابع.
الدليل الأول: عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: هلكت. قال: «وما شأنك؟ » قال: وقعت على امرأتي في رمضان، قال: «تستطيع تعتق رقبة» قال: لا. قال: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين» قال: لا. قال: «فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا» قال: لا. قال: «اجلس» فجلس، فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرق فيه تمر -والعرق المكتل الضخم- قال: «خذ هذا فتصدق به» قال: أعلى أفقر منا؟ فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه، قال: «أطعمه عيالك» (٨).
(١) مرعاة المفاتيح ٦/ ٤٩٩. أي حديث أبي هريرة الآتي وفيه "شهرين متتابعين".
(٢) الأصل ٢/ ٢٠٣, المبسوط ٣/ ٧٢, بدائع الصنائع ٢/ ٧٦، النهر الفائق ٢/ ٢٢.
(٣) المدونة ١/ ٢٨٠، الرسالة ص ٦١، التلقين ١/ ٧٥, الكافي ١/ ٣٤١.
(٤) مختصر المزني ٨/ ١٥٣, الحاوي الكبير ٣/ ٤٣٢، المهذب ١/ ٣٣٧, منهاج الطالبين ص ٧٨.
(٥) مختصر الخرقي ص ٥٠، الكافي ١/ ٤٤٧، المحرر ١/ ٢٣٠، المبدع ٣/ ٣٤.
(٦) المحلى ٤/ ٣٢٨.
(٧) اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى ص/١٣٤, الاستذكار ٣/ ٣١٢, المبسوط ٣/ ٧٢, المجموع ٦/ ٣٤٥.
(٨) سبق تخريجه صفحة (٣٦٣).