قال سليمان: فما صياحكِ في الدور إذا مررتِ [عنها]؟ (٢) قالت: أقول: ويل لبني آدم كيف ينامون وأمامهم الشدائد. قال: هما بالكِ لا تخرجين في النَّهار؟ قالت: من ظلم بني آدم (٣) أنفسهم. قال: فأخبريني ما تقولين في صياحك؟ قالت: أقول: تزوّدوا يا غالفين، وتهيّؤا لسفركم سبحان خالق النّور. قال سليمان (٤): ليس في الطيورِ طير أنصح لابن آدم، وأشفق عليه من الهْامة، وما [على](٥) قلوب الجهال أبغض [منها](٦). فانظر كيف تعرف أنَّ أمام النَّاس شدائد.
وذكر في حياة الحيوان أنّ سيّدنا سليمان عليه السلام مرّ على حمامة تغرّد فقال: أتدرون ما تقول هذه الحمامة؟ فقالوا: لا فقال: إنها تقول: يا ليت هذا الخلق ما خلقوا، وليتهم إذ خلقوا علموا لما خلقوا، وليتهم إذ علموا عملوا بما علموا، وأنشدت في ذلك ارتجالاً أبياتًا منها:
يا ذا النهى قد جاء في خبر ... نرويه عن من قبلنا سبقوا
(١) في "الحلية" زيادة (قال: قال سليمان ما تقولين إذا جلست فوق خربة؟ قالت: أقول أين الذين كانوا يتمتعون بالدنيا وينعمون فيها. (٢) في "الحلية" (عليها) وهو الصحيح. (٣) في "الحلية" زيادة: على. (٤) في "الحلية" زيادة (عليه السلام للهامة على ابن آدم أشفق وأحذر عليه و) (٥) في "الحلية" (في). (٦) في "الحلية" من الهامة.