وأما أكثر أهل النار أجارنا الله تعالى منها بمنه وكرمه فالنّساء كما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في خطبة الكسوف:"رأيتُ النار، ورأيتُ أكثر أهلها النساء لكفرهن" قيل: أيكفرن بالله قال: "يكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنتَ إلى إحداهنَّ الدهرَ ثُم رأتْ منك شيئا قالت: ما رأيتُ منك خيرَا قط"(١).
وفي صحيح مسلم:"اطعلتُ في النار فرأيتُ أكثر أهلها النّساء".
واعلم أنَّ مَن يدخل النار مِن ذرية آدم أكثر ممن يدخل الجنة ففي الصحيحين عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"يقول الله عزَّ وجل يوم القيامة يا آدم فيقول: لبيك ربنا وسعديك فينادي بصوت: إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعث النار قال: يا رب وما بعث النار؟ قال: من كل ألف -أراه قَالَ- تسعمائة وتسعة وتسعين فحينئذ تضع الحامل، ويشيب الولد (٢)، وترى الناس سكارى (٣) وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد". فشق ذلك على
(١) رواه مالك ص ١٣٢، وأحمد ١/ ٢٩٨ و ٣٥٨، والبخاري (٢٩) و (١٠٥٢) (٥١٩٧)، ومسلم (٩٠٧)، وأبو داود (١١٨٩)، والنسائي ٣/ ١٤٦. (٢) ورد في هامش الأصل قوله: ويشيب الولد .. إلخ أي: من شدة الهول، وهَذَا عَلَى سبيل الفرض أو التمثيل، وأصله أنَّ الهموم تضعف القوي وتُسرع الشيب فافهم. أهـ. (٣) ورد في هامش الأصل: أي: كأنهم.