وأمّا صِفتُه: فالدجَّالُ: مشتق من الدجل وهو خلط واللبس والخدع، فمعنى الدجال الخَداع الملبِّسُ على النّاس، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -، حينَ خَطبَ إليه (١) أبو بكر فاطمة - رضي الله عنها -: "إني وعدتهُا لعلّي ولستُ بدجَالٍ" أي: لستُ بخدّاع ولا مُلبِّس عليك أمرك.
وأما تَلقيبُهُ بالمسيح: فقيل؛ لأنّ عينَه الواحدة ممسوحَة، يقال: رجل مَسيحُ (٢) الوَجْه؛ إذا لمْ يَبقَ على أحَد شقي وجهه عينٌ ولا حاجبٌ إلا استوى. وقيل لأنَّه يمسحُ الأرض أي: يَقطعُها. وقال أبو الهيثم: هو مسيحٌ بوزنِ سكّيت، وهو الذي مسحَ خلقهُ وشوّهَ.
وزعم بعضهُم أن الدجَّالَ بالخاء المعجمة، وعيسى بالمهملة قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": وبَالغَ القاضي ابن عربي فقال: ضَلَّ قومٌ فروَوْهُ بالخاء المُعجَمة، وشدَّدَ بعضُهم السين، ليُفرّقُوا بينه وبين المسيح ابن مريم عليه السلام، وقد فرق النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله في الدجّال:"مسيحُ الضلالة"(٣)، فدل أن عيسى مسيحُ الهُدى، فأرادَ هؤلاء تعظيمَ عيسى، فحرفوا الحديث (٤). قال في "القاموس"(٥): اجتمع لنا في تسمية المسيح خمسون قولاً قُلْتُ: لم أرَ في كتب اللُّغَةِ بعدَ الفحصِ التام، والحرصِ على مُراجعةِ هذه المادَّة أحدًا ذكر أنَه
(١) ذكره في "مجمع الزوائد" (٩/ ٢٠٤)، و"الموضوعات" لابن الجوزي (١/ ٣٨٢)، و"غريب الحديث" للخطابي (١/ ٦٢٦)، و"الفائق" (١/ ٤٢١)، و"المجموع المغيث" (١/ ٦٤٠) بألفاظ متقاربة. (٢) انظر "لسان العرب" مادة: مسح. (٣) أحمد (٢/ ٢٩١). (٤) "فتح الباري" ١٣/ ٩٤. (٥) انظر "تاج العروس" مادة: مسح.