قربتني، فقلت له: وما يدريك؟ قال: لمّا جئتَ إلى قبر صديقك، رأيتك، قلت: كيف رأيتنى والتراب عليك؟ قال: ما رأيت الماء إذا كان في الزجاج؟ أما يتبيّن؟ قلتُ: بلى، قال: كذلك نحنُ نرى من يزورنا (١).
تنبيه: قال الحافظ ابن رجب: قد ذكرنا فيما تقدم من كلام الموتى، ورد السلام عليهم، يعني ما ذكرنا قال: ولا يُنافي ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا يستطيعون أن يجيبوا"؛ لأن المرادَ نفيُ الإجابة المعهودة التي يسمعها الأحياء، وقد ثبت تكلم الموتى، كما في "صحيح البخاري "، عن أبى سعيد مرفوعًا:"إذا وُضعَت الجنازةُ واحتملها الرجالُ على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت: قدّموني .. "(٢) الحديث. وتقدم.
قُلْتُ: قد يُقال إنّ ردَّ السلام وعدمَه، يختلف باختلاف الأشخاص.
وقد ذكر في "الروح"، عن مالك بن دينار قال: رأيتُ مسلمَ بنَ يسار بعد موته، فسلمت عليه فلم يردّ عليّ السلام، فقلت: ما يمنعك أن تردّ عليّ السّلام؟ قال: أنا ميتُ فكيف أردّ عليك السلام؟ فقلت:
(١) "أهوال القبور" ص ١٤٢. (٢) أخرجه البخاري (١٣١٤) و (١٣١٦) و (١٣٨٠)، والإمام أحمد ٣/ ٤١ و ٥٨، والنسائي ٤/ ٤١، وأبو يعلى (١٢٦٥)، وابن حبان (٣٠٣٨) و (٣٠٣٩)، والبيهقي ٤/ ٢٢٠٢١.