قال الحافظ ابن رجب (٢): وخرَّج ابن أبي الدنيا بإسناد صحيح عن أبي التياح قال: كان مُطرف يبدو فإذا كان يومُ الجمعة أدلج، قال: فأقبل حتى إذا كان عند المقابر هوم على فرسه، فرأى كأن أهل القبور، كل صاحب قبر جالسٌ على قبره فقالوا: هذا مُطرفُ يأتي الجمعة قلت: أتعلمون عندكم يومَ الجمعة قالوا: نعم ونَعلم ما تقول فيه الطيرُ، قلت ما تقول الطير؟ قال: تقول سلامٌ سلامٌ يوم صالح.
قال ابن أبي الدنيا: وحدثني إبراهيم بن بشار الكوفي، قال: حدَّثني الفَضيلُ بنُ موفق قال: كنتُ آتي قَبر أبي كثيرًا فشهدتُ جِنازة، فلما قُبر صاحبها تعجلتُ لحاجَة، ولم آت إلى قبر أبي قال: فرأيتُه في النوم، فقال: يا بُني لِمَ لَمْ تأتني؟ قلتُ: يا أبت، وإنك لتعلم بي قال: أي والله، إنك لتأتيني، فما أزال أنظرُ إليك من حين تطلع من القنطرة حتى تقعد إليّ وتقوم من عندي، فما أزالُ أنظر إليك مولّيا، حتى تجوز القنطرة (٣).
قال ابن أبي الدُّنيا: قال الفضيل بن مُوفق ابن خال سفيان بن عيينة: لما مات أبي جزعت عليه جزعًا شديدًا، فكنتُ آتي قبره كل
(١) رواه مسلم (١٢١)، وابن منده في الإيمان (٢٧٠). (٢) "أهوال القبور" ص ١٤١. (٣) انظر: ملحق كتاب القبور ٢١٠ (١٧).