قلت: وأقلّ الرّباط ساعة، وتمامه أربعون يومًا قال القرطبي: وأمّا سكان الثغور دائمًا بأهليهم الذين يعمرون ويكتسبون هناك، فليسوا بمرابطين. كذا قال: ولعلّه حيث ما لم ينووا المرابطة، وإلا فَلا يَظهر كلامه فليُتأمل.
وأخرج ابن ماجه والبيهقيّ، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا:"من مات مريضًا مات شهيدًا ووُقي فتنة القبر، وغدي وريح عليه برزقه من الجنة"(١).
قال القرطبيّ (٢): هذا عامٌ بجميع الأمراض لكن يقيد بالحديث الآخر: "من قتله بطنه لم يعذّبْ في قبره". أخرجه النسّائي وغيره (٣). والمراد به: الاستسقاء، وقيل: الإسهال، والحكمة في ذلك أنه يموت حاضر العقل، عارفًا بالله، فلم يحتج [إلى إعادةِ السؤالِ عليه بخلافِ مَنْ يموتُ بسائرِ الأمراض، فإنّهم تغيب عقولهم.
قال السيوطي (٤): ولا حاجة لشيء من هذا التقييد فإن الحديث غلط فيه الراوي باتفاق الحُفاظ وإنما هو: "من ماتَ مرابِطًا" لا "مَنْ مات مريضًا" وقد أورده ابن الجوزي في "الموضوعات"(٥) لأجل
(١) رواه ابن ماجه (١٦١٥)، والطبراني في "الأوسط" مختصرًا (٥٢٥٨)، وأبو نعيم في "الحلية" ٨/ ٢٠٠ - ٢٠١، والبيهقي في "الشعب" (٩٨٩٧). وابن الجوزي في "الموضوعات" (١٧٣٥) - (١٨٣٧). وإسناده ضعيف. (٢) التذكرة ١/ ١٧٢. (٣) النسائي ٤/ ٩٨ من حديث خالد بن عرفطة وسليمان بن صرد. ورواه أيضًا أحمد ٤/ ٢٦٢، والطبراني في "الكبير" (٤١٠٢) - (٤١٠٨). إسناده جيد. (٤) "شرح الصدور" ص ٢٠٧. (٥) الموضوعات لابن الجوزي ٣/ ٥١١ - ٥١٣ (١٧٣٥ - ١٧٣٨) [ط أضواء السلف].