فقد أشار على أن نعمه على عباده تستوجب شكره عليها، وحياءهم منه وهذا الذي أشار إليه النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لمَّا قام حتَّى تورمت أقدامه، فقيل له أتفعل هذا وقد غفر اللَّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! فقال:"أفلا أكون عبدًا شكورًا"(١).
والملحظ الثاني: إنَّ أكمل الخوف، والرجاء متعلق بذات الحق سبحانه دون ما تعلق بالجنة والنار فأعلى الخوف: خوف البعد، والسُّخط، والحجاب عنه، كما قال تعالى {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (١٦)} (٢)[المطففين: ١٥ - ١٦] قدَّم عذاب الحجاب على عذاب صليهم النار؛ لأنه بالنسبة إليه كالعذاب. قال ذو النون رحمه اللَّه: خوف النار عند خوف الفراق كقطرة في بحر
(١) رواه البخاري (٤٨٣٦) في التفسير، باب: ليغفر لك ربك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. ومسلم (٢٨١٩) في صفة الجنة والنار، باب: إكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة. والترمذي (٤١٢) في الصلاة، باب: ما جاء في الاجتهاد في الصلاة. قال أبو عيسى: حديث حسن صحيح. والنسائي ٣/ ٢١٩ في "المجتبى" في قيام الليل وتطوع النهار، باب: إحياء الليل. وفي "الكبرى" (١٣٢٥) في قيام الليل وتطوع النهار، باب: ذكر صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالليل واختلاف ألفاظ الناقلين لذلك. وابن ماجه (١٤١٩) في إقامة الصلاة، باب: ما جاء في طول القيام في الصلاة. وأحمد ٤/ ٢٥١. وابن خريمة (١١٨٣). (٢) انظر "التخويف من النار" ص ٢٤.