القائل:" بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ... " هو الزُّهْرِيّ، كما يتضح من سياق الخبر.
كما أكد ذلك القَسْطَلَّاني بقوله:"عن ابن شهاب الزُّهْرِيّ أنه (سُئل)(أعلى من سحر من أهل العهد قتل؟ قال): أي ابن شهاب مجيبًا للسائل (بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... )(١).
طرق يتصل بها بلاغ الزُّهْرِيّ:
قصة سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - تتصل من وجوه صحاح ثابتة عنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث عائشة رضي الله عنها، وزَيْد بن أَرْقَم - رضي الله عنه -:
فمن حديث عائشة - رضي الله عنها- ما أخرجه البخاري (٢) قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ:«أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - سُحِرَ، حَتَّى كَانَ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ صَنَعَ شَيْئًا وَلَمْ يَصْنَعْهُ».
كما أخرجه مطولًا في مواضع أخرى من صحيحه (٣)، قال (٤): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُنْذِرٍ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طُبَّ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ صَنَعَ الشَّيْءَ وَمَا صَنَعَهُ، وَإِنَّهُ دَعَا رَبَّهُ، ثُمَّ قَالَ:«أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ» فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: " جَاءَنِي رَجُلاَنِ، فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي، وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ، قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ، قَالَ: فِي مَاذَا؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ، قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فِي ذَرْوَانَ " - وَذَرْوَانُ بِئْرٌ فِي بَنِي زُرَيْقٍ - قَالَتْ: فَأَتَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَ:«وَاللَّهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ» قَالَتْ: فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَهَا
(١) القَسْطَلَّاني، إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، ٥/ ٢٤٠. (٢) البخاري، الجامع المسند الصحيح: كتاب الجِزْيَة، باب هل يُعْفَى عن الذِّمِّيّ إذا سَحَر، رقم (٣١٧٥)، ٤/ ١٠١. (٣) أخرجه في: كتاب الدعوات، باب تكرير الدُّعَاء، رقم (٦٣٩١)، ٨/ ٨٣، وفي كتاب الأدب، رقم (٦٠٦٣)، ٨/ ١٨، وفي كتاب بدء الخلق، رقم (٣٢٦٨)، ٤/ ١٢٢. (٤) البخاري، الجامع المسند الصحيح: كتاب الدعوات، باب تكرير الدُّعَاء، رقم (٦٣٩١)، ٨/ ٨٣.