قال التِّرْمِذِيّ (١): وَسَمِعْت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل يقول: وَحَدِيث مَعْمَر عَنِ الزُّهْرِيّ عن سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ عن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهُ، فَقَالَ:«إِذَا كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ»، هَذَا خَطَأٌ أَخْطَأَ فِيهِ مَعْمَرٌ قَالَ: وَالصَّحِيحُ حَدِيثُ الزُّهْرِيّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ، وقال أيضًا: وروى مَعْمَر، عن الزُّهْرِيّ، عن سَعِيد بن المُسَيِّب، عن أَبِي هُرَيْرَة، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَه. وهو حديث غير محفوظ.
ولكن "جزم مُحَمَّد بن يَحْيَى الذُّهْلِيّ بِأَن الطَّرِيقَيْن صحيحان"(٢)، وقال:"وحديث معمر أيضًا عن الزُّهْرِيّ عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - محفوظ، والطريقان عندنا محفوظان -إن شاء الله-، لكن المشهور حديث ابن شهاب عن عبيد الله"(٣).
وقال ابن بطال (ت ٤٤٩ هـ) في شرحه صحيح البخاري: "وإنما لم يدخل البخاري في الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ؛ لأنه من رواية معمر، عن الزُّهْرِيّ، واستراب انفراد معمر"(٤)، قلت: القول ما قاله ابن عبد البر في التمهيد، حيث قال: وممّا يُصَحِّح حديث مَعْمَر عن الزُّهْرِيّ عَنْ سَعِيد أَنّ عَبْد اللَّه بن صَالِحٍ حَدَّثَنِي قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِد بن يَزِيدَ، عن سَعِيدِ بن أَبِي هِلَالٍ، عن ابن شِهَابٍ، قَالَ: قَالَ ابن الْمُسَيَّبِ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيّ: فَقَدْ وَجَدْنَا ذِكْرَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ فَالْحَدِيثَانِ مَحْفُوظَانِ (٥).
[التعليق على الحديث]
في هذا الحديث معان من الفقه، منها: ما اجتُمع عليه، ومنها ما اختُلف فيه:
(١) انظر: سنن التِّرْمِذِيّ: عقب حديث رقم (١٧٩٨)، ٢/ ٢٥٦. (٢) بدر الدين العيني، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، ٢١/ ١٣٨. (٣) ابن عبد البر، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، ٩/ ٤٠. (٤) ابن بطال، شرح صحيح البخارى، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة] مكتبة الرشد، الرياض، ط ٢، ١٤٢٣ هـ[، ٥/ ٤٥٠. (٥) ابن عبد البر، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، ٩/ ٤٠.