قال البراء بن عازب: كانت هوازن رماة، وإنا لما حملنا عليهم انكشفوا وأكببنا (٢) على الغنائم فاستقبلونا (٣) بالسهام فانكشف المسلمون عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولم يبق معه إلا العباس بن عبد المطلب وأبو سفيان بن الحارث" (٤)، قال البراء:"والذي لا إله إلا هو ما ولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دبره قط، لقد رأيته، وأبو سفيان آخذ بالركاب (٥)، والعباس آخذ بلجام الدابة، وهو يقول:
"أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب"
وطفق يركض بغلته نحو الكفار لا يألو، وكانت بغلة شهباء، ثم قال للعباس: " [ناد: يا معشر الأنصار، يا معشر المهاجرين، وكان العباس رجلاً صيتًا، فجعل ينادي: يا عباد الله](٦)، يا أصحاب (٧) الشجرة، يا أصحاب سورة البقرة، فجاء المسلمون حين سمعوا صوته عنقًا واحداً (٨)، وأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده كفًا من الحصباء فرماهم بها، وقال:
(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٤٠. (٢) في (ى): (وانحنينا)، وفي "الصحيحين": فأكببنا. (٣) في (ى): (فاستقبلوا). (٤) رواه مختصرًا البخاري في "صحيحه" (٤٣١٥)، كتاب: المغازي، باب قول الله تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ...}، ومسلم في "صحيحه" (١٧٧٦)، كتاب الجهاد والسير. (٥) الركاب: موضع في سرج الدابة، وهو كالغرز للرجل. انظر "القاموس المحيط"، فصل الراء، باب الباء ٩١٥٥، و"لسان العرب" (ركب) ٣/ ١٧١٣. (٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ح). (٧) في (ح): يا معشر أصحاب الشجرة. (٨) العنق: الجماعة الكثيرة من الناس، وجاء القوم عنقًا عنقًا: أي طوائف. انظر: "لسان العرب" (عنق) ١٠/ ٢٧٣.