وقوله تعالى: {فَلَمْ (١) تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} معنى الإغناء: إعطاء ما يدفع الحاجة.
وقوله: {فَلَمْ (١) تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} أي لم تعطكم شيئًا يدفع حاجتكم، قال الزجاج:"أعلمهم الله أنهم ليس بكثرتهم يغلبون، وأنهم إنما يغلبون بنصر الله إياهم"(٢)، فوكلوا ذلك اليوم إلى كثرتهم؛ فانهزموا ثم تداركهم الله بنصره حتى ظفروا.
وقوله تعالى:{وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ} يقال: رحب يرحب رحبًا ورحابة، قال ابن شميل:"ضاقت عليه بما رحبت (٣): أي: على رحبها وسعتها"(٤)، فمعنى قوله:{بِمَا رَحُبَتْ} أي برحبها، ومعناه: مع رحبها، و"ما" ههنا مع الفعل بمنزلة المصدر كقوله: {لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي} [يس: ٢٦، ٢٧] أي بمغفرته لي، ومعنى الآية: إنكم لشدة ما لحقكم من الخوف ضاقت عليكم الأرض فلم تجدوا فيها موضعًا يصلح لكم لفراركم عن عدوكم.
قال ابن عباس:"يقول: هي واسعة، ولكم فيها رحاب ومتسع، فضاقت عليكم لموضع العجب"(٥).
قال الزجاج: "جعل الله عقوبتهم على إعجابهم بالكثرة أن رَعَبهم (٦)
(١) في (ي): (فلن)، وهو خطأ محض. (٢) اهـ كلام الزجاج، انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٤٠. (٣) هكذا، وفي "تهذيب اللغة": "ضاقت عليهم الأرض بما رحبت" ... إلخ. (٤) "تهذيب اللغة" (رحب) ٢/ ١٣٨٧. (٥) "تنوير المقباس" ص١٩٠ بمعناه مختصرًا. (٦) بفتح العين غير المشددة، أي: أفزعهم وأخافهم، و"لسان العرب" (رعب) ٣/ ١٦٦٧.