قيل: كان أمره لهم بالدخول في النار امتحانًا لهم (١) واختبارًا لطاعتهم، وقيل: كان مازحًا؛ فإنه كانت فيه دعابة كما قال الليث بن سعد: بلغني أنه حل حزام راحلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره حتى كاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقع. قال ابن وهب: فقلت لليث: ليضحكه؟ قال: نعم، كانت فيه دعابة.
وقيل: إنما حمله على ذلك غضبه عليهم فأراد عقوبتهم بذلك؛ لأنه قد جاء في رواية مسلم: فأغضبوه في شيء. (فأبى قوم) حين نظر بعضهم إلى بعض (أن يدخلوها، وقالوا: إنما فررنا) إلى رسول الله (من النار) أي نار جهنم، وهذِه منها لما روى ابن ماجه (٢) عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"ناركم هذِه جزء من سبعين جزءًا من جهنم".
(وأراد قوم أن يدخلوها)(٣) امتثالًا لطاعته. (فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -) ورواية الصحيحين (٤): فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فقال: لو دخلوها أو) قال: لو (دخلوا فيها) وهذا شك من الراوي (لم يزالوا فيها) زاد مسلم: "إلى يوم القيامة"، قال النووي (٥): هذا مما علمه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالوحي، وهذا التقييد بيوم القيامة مبين للرواية الأخرى بأنهم لا يخرجون منها لو دخلوها.
(١) ساقطة من (ر). (٢) "سنن ابن ماجه" (٤٣١٨). (٣) بعدها في الأصول: نسخة: يدخلوا. (٤) البخاري (٤٣٤٠)، مسلم (١٨٤٠). (٥) "شرح النووي على مسلم" ١٢/ ٢٢٧.