وإن ابتدأت بالضَّرَرِ فلا جزاء على قالتها على المشهور من المذهب، فيمن عَدَا عليه شيءٌ من سباع الطّير وغيرها من الوحش.
وقال أشهب: عليه الفِدْيَةُ في الطَّير وأن ابتدأت بالضَّرَر.
وقال أَصْبَغُ: مَنْ عدا عليه شيءٌ منها فقتله وداه بشاة.
وقال ابن حبيب: هو مِنْ أَصْبَغَ غَلَطٌ.
واحتج ابنُ القاسم في "المبسوط " بأنّ الإنسان أعظمُ حُرْمةَ من الصّيد، فإذا قتلَه الإنسانُ دفعًا عن نفسه فلا شيءَ عليه.
المسألة الرّابعة عشر:
فإنْ قتل حمام الحرم ابتداءً وهو جاهل أو عالم، فعليه الجزاء في المذهب (١).
المسألة الخامسة عشر (٢):
اختلف العلماء في الزُّنبور (٣)، فَشَبَّهَهُ بعضُهم بالحيّة والعقرب، وقال (٤): ولولا (٥) أنّ الزّنبور لا يعتدي (٦)، لكان أغلظ على النَّاس من الحيّة والعقرب؛ لأنّه إنّما يُخْشَى إذا أُوذي، قال (٧): فإن عرضَ الزُّنبور للإنسان فدفعه على نفسه، لم يكن عليه فيه شيءٌ.
المسألة السَّادسة عشر (٨):
وأمّا "الغراب" فقال (٩): لا يقتل من الغِرْبان إِلَّا الأبقع خاصّة، واحتجوا بما ذَكَرَهُ النّسائي (١٠)، عن عائشة، عن النَّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "خَمْسٌ يقتلن في الحل والحرم:
(١) انظر المدونة: ١/ ٣٣٥، وعيون المجالس: ٢/ ٨٨٤. (٢) هذه المسألة مقتبسة من الاستذكار: ١٢/ ٣٧ - ٣٨ وحكاها ابن عبد البرّ عن إسماعيل بن إسحاق. (٣) الزّنبور: حشرة أليمة اللّسع. انظر الحيوان للجاحظ: ٣/ ٣٠٥، ٥/ ٣٦٤، ٣٥٥. (٤) القائل هو إسماعيل القاضي. (٥) في الأصل: "ولوا" والمثبت من الاستذكار. (٦) في الاستذكار: "لا يبتدىء". (٧) القائل هو إسماعيل بن إسحاق القاضي. (٨) هذه المسألة مقتبسة بتصرُّف من الاستذكار: ١٢/ ٤٠. (٩) الّذي في الاستذكار: "وشذّت فرقة أخرى فقالت". (١٠) في الكبرى (٣٨١٢).