اختلف العلّماء في غسل المُحرِم رأسه بالماء، فكان مالكٌ لا يجيز ذلك للمُحْرِم ويَكرهُ ذلك له، ومن حجَّتِهِ: أنّ ابنَ عمر كان لا يغسلُ رأسه وهو مُحرِمٌ إلّا من احتلامٍ (٢).
وقال مالك (٣): إذَا رَمَى جَمرةَ العَقَبة، فَقَدْ حَلَّ له قَتْلُ القَمُلِ، وحَلْقُ الشَّعْرِ، وإلقاءُ التَّفَثِ، ولُبْسُ الثِّيَابِ. قال: وهذا الّذي سمعتُ من أهل العلّم.
المسألة الثَّانية (٤):
قال أبو عمر (٥): ومَحملُ حديث أبي أيّوب عند مالك (٦): أنّه إنّما (٧) كان رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - يغسلُ رأسَه من الجنابة مُحْرِمًا، فلا يكون عليه فيه حُجَّةٌ. وعند غيره: مَحْمَلُه على العمومِ والظَّاهر؛ لأنّه (٨) لم يجرِ في الحديث لواحد (٩) منهم ذِكْر الجنابة (١٠).
وقال الشّافعيّ (١١) وأبو حنيفة (١٢) وجماعة (١٣): لا بأس بغسل المُحْرِم رأسه بالماء، ورَوَوا (١٤) الرُّخصة في ذلك عن ابن عبّاس (١٥).
(١) المسألة الأولى من كلام المؤلِّف في الفقه مقتبسة من الأستذكار: ١١/ ١٨ - ١٩. (٢) أخرجه مالكٌ في الموطَّأ (٩٠٤) رواية يحيى. (٣) في الموطَّأ (٩٠٥) رواية يحيى. (٤) هذه المسألة مقتبسة بتصرُّف من الأستذكار: ١١/ ١٩ - ٢٠. (٥) في المصدر السابق. (٦) في الموطَّأ (٩٠١) رواية يحيى. (٧) في الأستذكار: "ربما". (٨) في النّسختين: "أنّه" والمثبت من الأستذكار. (٩) في النّسختين: "الواحد" والمثبت من الاستذكار. (١٠) تتمة الكلام كما في الاستذكار: "ومحال أنّ يختلف عالمان في غسل المحرم وغير المحرم رأسه عن الجنابة". (١١) في الأم: ٣/ ٣٦٣ (ط. رفعت فوزي). (١٢) انظر الأصل: ٢/ ٤٧٩، ومختصر اختلاف العلّماء: ٢/ ١١٢. (١٣) منهم الأوزاعي وأبو ثور وغيرهما. (١٤) في النّسختين: "ورأوا" وفي الأستذكار: "ورُوي" ولعلّ الصّواب الّذي يناسب السباق ما أثبتناه. (١٥) أخرجها مالكٌ في الموطَّأ (٩٥١) رواية يحيى.