"يا أمير المؤمنين، أتت على الناس ثلاث سنين، أما الأولى: فَلَحَتِ١ اللحم، وأما الثانية: فأكلت الشَّحْم، وأما الثالثة: فهاضَت٢ العَظْم، وعندكم فُضُول أموالٍ، فإن كانت لله فاقْسِمُوها بين عباده، وإن كانت لهم فَفِيمَ تَحْظَر٣ عنهم؟ وإن كانت لكم فتصدَّقوا عليهم بها، وإن الله يَجْزِي المتصدقين، قال هشام: هل من حاجة غير هذه يا أعرابي؟ قال: "ما ضربت إليك أكباد الإبل، أَدَّرِع الهَجِير، وأخوض الدُّجى لخاصٍّ دون عام"، فأمر هشام بمال، فَقُسِّم بين الناس، وأمر للأعرابي بمال، فقال "أكلُّ المسلمين له مثل هذا؟ " قالوا: "لا، ولا يقوم بذلك بيت مال المسلمين"، قال: "فلا حاجة لي فيما يبعث لأَئِمَة الناس على أمير المؤمنين".
"عيون الأخبار م٢: ص٣٣٨ والعقد الفريد ٢: ٨٢".
١ من لحا الشجرة: أخذ لحاءها "بالكسر" وهو قشرها. ٢ هاض العظم: كسره بعد الجبور فهو مهيض، وفي رواية: "وعام أنقى العظم" أي وصل إلى نقيه "بالكسر" وهو مخ العظم. ٣ تحجب وتمنع.