ونَصَبَ١ له ابنُه "عبد الرحمن" وكاتِبُه "قُمامَة" فسعيا به إلى الرشيد، وقالا له: إنه يطلب الخلافة، ويطمع فيها، فأخذه وحبسه عند الفضل بن الربيع، وذكروا أنه أدخل على الرشيد حين سَخَطَ عليه، فقال له الرشيد: أكفرًا بالنعمة، وجحودًا لجليل المنَّة والتكرمة؟ فقال:"يا أمير المؤمنين، لقد بُؤْتُ٢ إذن بالندم، وتعرضت لاستحلال النِّقَم، وما ذاك إلا بغيُ حاسد، نافَسَني فيك مودة القرابة، وتقديم الولاية، إنك يا أمير المؤمنين خليفة رسول -الله صلى الله عليه وسلم- في أمَّته، وأَمِينُه على عِتْرَته، لك عليها فرض الطاعة وأداء النصيحة، ولها عليك العدل في حكمها، والتثبت في حادثها، والغُفْرَان لذنوبها"، فقال له الرشيد:"أتضع لي من لسانك، وترفع لي من جنانك؟ هذا كاتبك قمامة، يخبر بغلِّك وفساد نيتك، فاسْمَع كلامه"، فقال عبد الملك:"أعطاك ما ليس في عَقْده٣، لعله لا يقدر أن يَعْضَهني٤ ولا يَبْهَتَني بما لم يَعْرِفه مني"، وأُحْضِر قمامة، فقال له الرشيد: تكلم غير هائب ولا خائف، قال:"أقول إنه عازم على الغدر بك والخلاف عليك"،
١ عاداه. ٢ رجعت. ٣ أي ما يعتقده. ٤ عضه كمنع: كذب ونم، وعضه فلانا: بهته وقال فيه ما لم يكن.