وقال الحجاح لأعرابي كلمة فوجده فصيحًا: كيف تركت الناس وراءك؟ فقال:"تركتهم -أصلح الله الأمير- حين تفرّقوا في الغيطان، وأخَمْدوا النيران. وتَشَكَّت النساء، وعَرَض الشَّاء، ومات الكلب"، فقال الحجاج لجلسائه:"أَخِصْبًا نَعَتَ أم جَدْبًا؟ قالوا: بل جدبا، قال: بل خصبا، قوله: تفرقوا في الغيطان١، معناه: أنها أعشبت، فإبلهم وغنمهم تَرْعَى، وأخمدوا النيران، معناه: استغنوا باللبن عن أن يشتَوُوا لحوم إبلهم وغنمهم ويأكلوها، وتشكَّت النساء أعضادَهن، من كثرة ما يَمْخَضْن٢ الألبان، وعَرَض الشاء: استَنَّ٣ من كثرة العُشْب والمرعى، ومات الكلب: لم تمت أغنامهم وإبلهم فيأكل جِيَفها".
"ذيل الأمالي ص٨٧".
١ جمع غائط: وهو المطمئن الواسع من الأرض. ٢ مخض اللبن من باب قطع ونصر وضرب أخذ زبده. ٣ استن: سمن، سن الإبل كنصر: إذا رعاها فأسمنها.