ثم قال: أي بني، لا تزهدن في معروف، فإن الدهر ذو صروف، والأيام ذات نوائب، على الشاهد والغائب، فكم من راغب أصبح مطلوبا ما لديه، واعلم أن الزمان ذو ألوان، ومن يصحب الزمان ير الهوان، وكن أي بني كما قال أبو الأسود الدؤلي:
وعد من الرحمن فضلا ونعمة ... عليك، إذا ما جاء للعرف طالب١
وإن امرأ لا يرتجى الخير عنده ... يكن هينا ثقلا على من يصاحب
فلا تمنعن ذا حاجة جاء طالبا ... فإنك لا تدري متى أنت راغب
رأيت التِوا هذا الزمان بأهله ... وبينهم فيه تكون النوائب٢
ثم قال: أي بني، كن جوادا بالمال في موضع الحق، بخيلا بالأسرار عن جميع الخلق، فإن أحمد جود المرء الإنفاق في وجه البر، وإن أحمد بخل الحرّ الضنّ٣ بمكتوم السر، وكن كما قال قيس بن الخطيم الأنصاري: