قال الخطيب - بعد أن حكى هذا القول عن طائفة -: "وهذا خطأ ... وبُعْدٌ ممن تَوَهَّمَهُ؛ لأن الْمُعَدِّلِين - وإن كثروا - ليسوا يخبرون عن عدم ما أخبر به الجارحون"١.
الثالث: يُقَدَّم الأحفظ. نقله السيوطي٢ عن البلقيني، وظاهره أنه إذا زاد المعدلون أيضاً.
الرابع: أنهما يتعارضان فلا يُرَجَّح أحدهما على الآخر إلا بِمُرَجِّحٍ، نقله العراقي عن ابن الحاجب٣، وهذا أيضاً فيما إذا كان عدد المعدلين أكثر، قال السخاوي:
"ووجهه: أن مع الْمُعَدِّلِ زيادة قوة بالكثرة، ومع الجارح زيادة قوة بالإطلاع على الباطن"٤.
والراجح هو مذهب الجمهور، كما تقدم في كلام الخطيب، وابن الصلاح، وقال السيوطي:"هو الأصح عند الفقهاء والأصوليين"٥.
ولكن ينبغي عدم القول بتقديم الجرح على التعديل مطلقاً، بل لابد من تقييد ذلك: بكون الجرح مُفَسَّراً مبيناً، من عارفٍ بأسبابه. وإلى هذا أشار الحافظ ابن حجر بقوله:"والجرح مقدم على التعديل، وأطلق ذلك جماعة، ولكن مَحَله: إن صدر مَبَيَّناً، من عارف بأسبابه"٦.
١ الكفاية: (ص ١٧٧) . ٢ تدريب الراوي: (١/٣١٠) . ٣ شرح الألفية: (١/٣١٣) . ٤ فتح المغيث: (١/٣٠٨) . ٥ تدريب الراوي: (١/٣٠٩) . ٦ نزهة النظر مع النخبة: (ص٧٣) .