وكلاهما صواب، فمعنى احتملته أي: أغضبته، يقال: احتمل الرجل إذا غضب، قاله يعقوب، ومعنى اجتهلته مثله، وقد قال ابن المبارك في تفسير الحديث: من استجهل مؤمنًا فعليه إثمه، يقول: من حمله على شيء ليس من خلقه فيغضبه، وقد يكون من الجهل الذي هو ضد العلم أي: حملته على ما قاله من قول الجاهلين وصيرته مثلهم، كما قيل في المثل: نزو الفرار، استجهل الفرار أي: حمله على النزو، وفعل ما لا يعقل مثل فعله.
ومنه في الصوم:(فلا يرفث ولا يجهل)(١) أي: لا يقل قول أهل الجهل من سفه الكلام ورفثه.
وقوله: في حديث سلمة: (إنه لجاهدٌ مجاهدٌ)(٢) كذا أكثر الروايات بضم الدالين وتنوينهما وكسر الهاءين وضم الميم. وعند أبي ذر للحموي والمستملي في كتاب الجهاد:(لجاهَدَ مَجاهد) بفتح الهاء الأولى والدالين والميم، وكذا قيده أبو الوليد الباجي، وكذا رواية ابن أبي جعفر في مسلم، والأول هو الوجه أي: جاهد جاد مبالغ في سبل الخير والبر وإعلاء كلمة الإسلام مجاهد لأعدائه. قال ابن دريد: جاهد أي جاد في أموره وتكريره هذين اللفظين للمبالغة كما قالوا: جاد مجد، ويدل على صحته قوله في الرواية الأخرى: مات جاهدًا مجاهدًا.
وقوله:(وقد قضيت جهازك)(٣) بفتح الجيم وكسرها: هو ما يحتاج إليه المسافر، والمجاهد في سفره من متاعه، كذا عند أكثر رواة الموطأ بالزاي، ورواه بعضهم:(جهادك) بالدال، والأول الصواب.
في حديث امرأة رفاعة قول خالد:(ألا تزجروا هذه عما تجهر به عند رسول الله ﷺ)(٤)؟ (كذا عامة الروايات، ورواه بعضهم: (تهجر) وهو الذي فسره الداودي أي: تأتي بهجر من القول وهو الفحش، والأول أشهر، ومعناه صحيح أي: تجهر بقول قبيح.