شراء الدار حتى اندفع وصار إلى صاحب المنزل فقال أعطيك كل شهر ثلاثة آلاف مكان المائدة فقلت لا أفعل وجعلت رسل المتوكل تأتيه يسألونه عن خبره فيصيرون إليه ويقولون له يا أبا: عبد الله لا بدله من أن يراك فيسكت فإذا خرجوا قال ألا تعجب من قوله لا بدله من أن يراك، وما عليهم من أن يراني؟ وكان في هذه الدار حجرة صغيرة فيها بيتان فقال أدخلوني تلك الحجرة ولا تسرجوا سراجا. فأدخلناه إليها فجاءه يعقوب فقال: يا أبا عبد الله أمير المؤمنين مشتاق إليك ويقول: انظر اليوم الذي تصير إلي فيه أي يوم هو حتى أعرفه؟ فقال ذاك إليكم. فقال يوم الأربعاء يوم خال وخرج يعقوب، فلما كان من الغد جاء فقال البشرى يا أبا عبد الله أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام ويقول قد أعفيتك عن لبس السواد والركوب إلي وإلى ولاة العهود وإلى الدار، فإن شئت فالبس القطن وإن شئت فالبس الصوف. فجعل يحمد الله على ذلك. وقال له يعقوب إن لي ابنا وأنا به معجب وله في قلبي موقع فأحب أن تحدثه بأحاديث فسكت، فلما خرج قال أتراه لا يرى ما أنا فيه؟ وكان يختم من جمعة إلى جمعة فإذا ختم دعا فيدعو ونؤمن على دعائه، فلما كان غداة الجمعة وجه إلي وإلى أخي عبد الله فلما أن ختم جعل يدعو ونؤمن على دعائه فلما فرغ جعل يقول أستخير الله مرارا فجعلت أقول ما تريد؟ ثم قال إني أعطي الله عهدا إن العهد كان مسئولا وقد قال الله ﷿ ﴿(يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)﴾ إني لا أحدث حديثا تاما أبدا حتى ألقى الله ولا أستثني منكم أحدا. فخرجنا وجاء علي بن الجهم فقلنا له فقال إنا لله وإنا إليه راجعون: فأخبر المتوكل بذلك وقال إنما يريدون أن أحدث فيكون هذا البلد حبسي وإنما كان سبب الذين أقاموا بهذا البلد لما أعطوا وأمروا فحدثوا وكان يخبرونه فيتوجه لذلك وجعل يقول: والله لقد تمنيت الموت في الأمر الذي كان وإني لأتمنى الموت في هذا وذاك، إن هذا فتنة الدنيا وكان ذاك فتنة الدين. ثم جعل يضم أصابع يده ويقول: لو كانت نفسي في يدي لأرسلتها ثم يفتح أصابعه، وكان المتوكل يوجه إليه في كل وقت يسأله عن حاله وكان في خلال ذلك يؤمر لنا بالمال فيقول يوصل اليهم