قد مرَّ الكلامُ فيه، وقد تكلَّم ابنُ القَيِّم في «بدائع الفوائد» على أنَّ الله تعالى إذا أخبر بأَمْرٍ أنه يكون كذا، فهل يَبْقى الجانبُ المخالفُ بعده تحت قدرته تعالى أَم لا؟ فراجعه إن كان بك شَغَفٌ بمسألةِ إمكان الكذب. ثم اعلم أنَّ نزاع مَن نازع فيه ليس في وقوع الكذب، فإِنَّهُ مُحالٌ في جَنَابه تعالى إجماعًا. والفَرْقُ بين الامتناع بالذات، وبالغير قليلُ الجدوى. لأنك إنْ لاحظت الغيرَ من أَوّل الأَمْر يرجعُ الامتناعُ إلى
(١) قلت: وإنما صدرت منه تلك الكلمة لضعف بنية البشر، قال تعالى: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}. (٢) قلت: إن في سؤال الله تعالى إياه دفع لما كادت توسوس به نفسه أن قوله: {كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى}، يمكن أن يكون صدر منه، لشك عرض في صدره، والعياذ بالله، فأزاحه أنه كان على برد صدر. ولم يحمله على هذا السؤال إلا هو، ولكنه كان سائلًا عما قد يسأل عنه الخليل خليله، وهكذا فعله القرآن في قصص الأنبياء عليهم السلام، حيث برأهم عن أوهام كادت أن تسري إليهم، لولا أن تعرض إليها القرآن، فإن بني إسرائيل كانوا قد حرفوا في قصصهم كثيرًا، ونسبوا إليهم ما لا يليق بشأنهم، فقص الله علينا من أمرهم أعلى ما كانت عليه، لنكون على نور من ربنا، فالناس في ضيق في هذه الآيات، وأنا بحمد الله تعالى في شرح صدر، وزيادة فى الإيمان، والله يقول الحق، وهو يهدي السبيل.