يَشْرَبُونَهُ. قيل: إن الأُمَّةَ إذا مُسِخَتْ، فإنها لا تبقى فوق ثلاثة أيام، فكيف يُمْكِنُ أن تكونَ الفأرة منها؟ وأُجِيبَ أن المرادَ منه المسخ في جنسها، لا أنها من الأُمَّةِ الممسوخةِ بشخصها. قلتُ: إن الأحاديثَ التي وَرَدَتْ في بقاء الأُمَّةِ الممسوخةِ إلى ثلاثة أيامٍ، ليست بكليَّةٍ أيضًا.
٣٣١١ - قوله:(الجِنَّانَ) قال الترمذيُّ هي حيَّةٌ كقضيب الفضة في البياض، لا تَلْوِي في المشية.
= ثم أجاب عن قوله تعالى: {وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} [المائدة: ٦٠]: فإن الظاهرَ أنه جعلها من القوم الذين سَخِطَ عليهم، ولعنهم. ثم بوَّبَ بحديث الفأرة، وقال ما حاصلُه: إنه صلَّى الله عليه وسلَّم قال ما قال في الفأرة قبل عِلْمِهِ بأن اللهَ لا يجعل للممسوخين نَسْلًا ولا عَقِبًا، وعليه حَمَلَ قولُه صلى الله عليه وسلم في الضَّبِّ: "إن أمة مُسِخَتْ، فلا أَدْرِي ما فعلت". ولعلَّ هذا منه، وراجع "العمدة"، ولأن الممسوخَ لا يبقى له نَسْلٌ: "عمدة القاري". قال الطحاويُّ في "مشكله" بعد إخراج أحاديث المَقْلِ: وهل للذباب من اختيارٍ حتى يُقَدِّمَ أحد جناحيه لمعنى فيه، وُيؤَخِّرَ الآخر لمعنى فيه، خلاف ذلك المعنى؟ فأجاب عنه بما حاصله: إنه إلهامٌ من الله تعالى إيَّاه بذلك، على حد قوله: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [النحل: ٦٨]، وقوله تعالى: {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} [النمل: ١٨] وقوله تعالى في الهُدْهُدِ: {إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ} [النمل: ٢٣]، فكذلك إلقاء الذباب الجناح.