للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كان المراد الطعامَ لَمَا عدلوا عن العطف بأداة الجمع إذ لا بد لهم من طلب الماء.

ولمَّا كان في سؤالهم ما دلَّ على أن التماسهم (١) من الفضلة وما لا حاجة لهم به، وكان الامتناعُ عن الإجابة في مثله مَظِنَّة البخل، أجابوا بما يندفع به هذا الوهم، ثم إنهم عدَلوا عن الجواب بالمنع الصريح إلى ذكر سببه؛ محافظةً بجانب الكرم مهما أَمكَن، وقطعاً لإطماعهم على وجهٍ أحسن:

﴿قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ لم يقل: عليكم، تضميناً لمعنى التعليل، وتعميماً (٢) للجواب لغير السائلين من جنسهم.

والتحريم: المنع، وتعديته بـ ﴿عَلَى﴾ كتعديَةِ الشهادة بها؛ كما في قوله تعالى ﴿وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ﴾ [القصص: ١٢]، ولا خفاء في أن المعنى اللُّغويَّ أبلغُ من التحريم الشرعيِّ، فلا وجه لِمَا قيل: مَنعَهما عنهم مَنع المحرَّم عن المكلَّف.

* * *

(٥١) - ﴿الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ﴾.

﴿الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ﴾ الاتِّخاذ: أخذُ الشيء بإعداد الأمر من الأمور، ولا يخفى لطف موقعه هاهنا من حيث تضمُّنُه الإشارةَ إلى أن حقَّ الدِّين الجِدُّ والاهتمام بشأنه، دون الهزل واللعب، فكان فيه نعيٌ لهم بتقبيح صَنيعهم.

﴿لَهْوًا وَلَعِبًا﴾ كتحريم البَحيرة، والتَّصديةِ حول البيت.

وأصل اللهو: الانصراف عن الشيء، والمراد: ما ينصرف إليه مما لا يعني.


(١) في (ف): "إلقاءهم".
(٢) في (ف): "وتتميما".