للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

﴿بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ من أن تكون تلك الأعمالُ أسباباً حقيقيَّةً لِمَا يُعطى لهم في الدار (١) الآخرة، فإن سببيَّتها له إنما هي بحكم الوعد، وهذه طريقةٌ بليغةٌ سميناها في بعض رسائلنا المعمولة في أسرار البلاغة بـ: التقدُّم بالحفظ، وهي أبلغ من طريقة التدارُك، وقد غفَل عنها القوم.

* * *

(٤٤) - ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾.

﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ﴾ قد مرَّ أن (نادى) معناه دعاءٌ، غير أن في النداء معنى امتداد الصوت ورفعه، وليس كذلك الدعاءُ؛ لأنَّه قد يكون بعلامةٍ كالإشارة من غير صوت ولا كلام.

والصاحب هو المقارِن على نيَّةِ طول المدة، والصُّحبةُ والمقارَنة نظيران، إلا أن في الصحبة معنى (٢) الإرادة.

﴿أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا﴾ (أنْ) في المواضع الأربعة محتمِلةُ الوجهين كالتي مرت آنفاً.

و وَجَدْنَا من الوجود، و ﴿حَقًّا﴾ مفعوله الثاني، أو من (٣) المصادفة و ﴿حَقًّا﴾ حال.

﴿فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ﴾ الوعد عند الإطلاق ينتظِم الخيرَ والشر، بخلاف الوعيد فإنه يختصُ بالثاني.


(١) "الدار": ليست في (م).
(٢) معنى" من (ف).
(٣) "من" من (ك).