فَإِنْ قُلْتَ: حُجَّتِي عَلَى هَؤُلَاءِ أَنَّ كُلَّ جِسْمٍ مُحْدَثٌ قَالَ لَكَ إِخْوَانُكَ: بَلِ الْجِسْمُ عِنْدَنَا يَنْقَسِمُ إِلَى (١) قِسْمَيْنِ: قَدِيمٍ وَمُحْدَثٍ، كَمَا أَنَّ الْقَائِمَ بِنَفْسِهِ وَالْمَوْجُودَ (٢) وَالْحَيَّ (٣) وَالْعَالِمَ وَالْقَادِرَ يَنْقَسِمُ إِلَى قَدِيمٍ وَمُحْدَثٍ.
فَإِنْ قَالَ النَّافِي: الْجِسْمُ لَا يَخْلُو عَنِ الْحَوَادِثِ، (* وَمَا لَمْ يَخْلُ عَنِ الْحَوَادِثِ فَهُوَ حَادِثٌ.
قَالَ لَهُ إِخْوَانُهُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ (٤) الْحَوَادِثِ، وَإِنْ سَلَّمْنَا ذَلِكَ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَا لَمْ يَخْلُ عَنِ الْحَوَادِثِ فَهُوَ حَادِثٌ.
فَإِنْ (٥) قَالَ: الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنَ الْحَوَادِثِ *) (٦) أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنَ الْأَعْرَاضِ، وَالْأَعْرَاضُ حَادِثَةٌ (٧) [فَإِنَّ الْعَرَضَ لَا يَبْقَى زَمَانَيْنِ.
وَعَلَى هَذَا اعْتَمَدَ كَثِيرٌ مِنَ الْكُلَّابِيَّةِ فِي حُدُوثِ الْعَالَمِ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا اعْتَمَدَ الْآمِدِيُّ (٨) وَطَعَنَ فِي كُلِّ دَلِيلٍ غَيْرِهِ، وَذَكَرَ أَنَّ هَذِهِ طَرِيقَةُ الْأَشْعَرِيَّةِ.
وَضَعَّفَ ذَلِكَ مَنْ تَعَقَّبَ كَلَامَهُ، وَقَالَ: هَذَا يَقْتَضِي بِنَاءً هَذَا الْأَصْلِ الْعَظِيمِ عَلَى هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ الضَّعِيفَةِ،] وَقَدْ رَأَيْتُ كَلَامَ الْأَشْعَرِيِّ نَفْسِهِ،
(١) ب، أ: عَلَى.(٢) ن: الْقَائِمَ بِنَفْسِهِ وَبِالْوُجُودِ.(٣) ب، أ: الْحَيَّ.(٤) ب، أ: مِنْ.(٥) . فَإِنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) .(٦) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .(٧) بَعْدَ كَلِمَةِ حَادِثَةٍ سَقْطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (أ) ، (ب) .(٨) سَبَقَتْ تَرْجَمَتُهُ ١/٢٤٨. وَانْظُرْ فِي تَرْجَمَتِهِ أَيْضًا مِرْآةَ الْجِنَانِ لِلْيَافِعِيِّ ٤/٧٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute