للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سألتُ عبد الملك بن عمير عن فتنة الدنيا، فقال: الدجال"، وفي إطلاق الدنيا على الدجال إشارة إلى أن فتنته أعظمُ الفتن الكائنة في الدنيا، وقد ورد ذلك صَرِيحًا في حديث أبي أمامة، قال: "خطبنا رسول الله "، فذكر الحديث، فيه: "أنه لم يكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذُرية آدم أعظم من فتنة الدجال" (١)، انتهى.

ولعل وجهه أن بقية فتن الدنيا أمر سهل بالنسبة إليها؛ فإنه يكلف الإنسان على الإيمان به، والكفر بربه، وإلا فالعذاب والعقاب، مع أن الوقت زمن القحط والبلاء وعنده -بحسب الظاهر- الوسع والعطاء، فكأنه تعوذ منه وعلّم أمته الحذر، مع أنه لم يوجد إلا في آخر الزمان عند ظهور المهدي ونزول عيسى إيماء إلى أن كل بلاء ديني أو دنيوي بالنسبة إلى فتنة الدجال أمره سهل، فيكون تسلية للأمة، وهذا من كمال الرحمة، وتمام الرأفة.

(وأعوذ بك من عذاب القبر) فإنه مُقَدّمة عذاب النار. (خ، ت، س) أي رواه: البخاري، والترمذي، والنسائي، عن سعد بن أبي وقاص.

(اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل، والهرَم) بفتحتين (وعذاب القبر، اللهم آت) أمر من الإيتاء، أي: أعط (نفسي تقواهما) أي: توفيقها بإلهامها والقيام بها، قال ميرك: "ينبغي أن يفسر التقوى بما يقابل الفجور في قوله تعالى: ﴿فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (٨)


(١) "فتح الباري" (١١/ ١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>