والحاصل أنه ﷺ استعاذ من حصول عوارض هذه البلايا، مع التضمن لما هو [ذكر](١) للنعماء، وشكر على ما منحه من العطايا، وطلب المزيد بالثبات، والدوام على تلك الصفات إلى حين الممات.
ثم عَمَّمَ سالكًا سبيل الإجمال، إظهارًا لعجزه عن عَدِّ نِعَمِه سبحانه على وجه الكمال، فقال:(وسيئ الأسقام) كـ: البرص، والعمى، والفالج، وإنما قيد الأسقام بالسيئ؛ لأن الأمراض مطهرة للسيئات، ومرقية للدرجات، وأكثر الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأولياء، فالتعوذ من جميع الأسقام ليس من دأب الكرام، قال المصنف: ""سيئ الأسقام": قبيحها، أعاذنا الله تعالى منها" (٢).
وقال ميرك نقلًا عن المظهر: "إن الإضافة ليست بمعنى "من"، كما في قولك: خاتم فضة، بل هي من إضافة الصفة إلى الموصوف، أي: الأسقام السيئة، ولم يستعذ من الأسقام على الإطلاق؛ لأن منها ما إذا تحامل الإنسان [فيه](٣) على نفسه بالصبر خفَّتْ مؤنتُه مع عدم إزمانه، كالحمى والصداع والرمد، وإنما استعاذ من المزمن، فينتهي بصاحبه إلى حالة يفرُّ منه الحميم، ويقل دونها المؤن والمداوي، مع ما يورث من
(١) كذا في (ج)، وفي (أ) و (ب): "تذكر"، وفي (د): "مذكر". (٢) "مفتاح الحصن الحصين" (ل ١٩/ ب). (٣) من (ج) و (د) فقط.