إن من أروع ما اشتمل عليه هذا الكتاب احتفاظه بالصورة الدقيقة لتلقي العلم مع التحلي بالأمانة الأخلاقية في ذلك، فهو يذكر بالتفاصيل القدر المقروء أو المسموع من الكتاب، مع النص على القدر الفائت الذي لم يتمكن من قراءته أو سماعه، وهذا ملمح حضاري أخلاقي نادر ربما لا نجده في غير هذه الثقافة المستنيرة بنور الوحي ولهجة الصدق.
وهو كذلك سجل ثمين لغير قليل من الكتب التي نسمع بها ولا نعرف من أخبارها شيئًا. كما يستفيد المؤرّخ لحركة العلم من مثل هذا الكتاب عند الحديث عن الحركة العلمية ورصد مظاهر هيمنة مجموعة محددة من الكتب وانتشارها، وهو قبل ذلك وبعده مُحفّز عظيم التأثير للهمم وبَعْثِ الإرادة لتجديد سير الآباء في طلب العلم والحفاوة الصادقة بالمعرفة.
هذا وقد حظي الكتاب بعناية إضافية من المركز، مقابلة وتصحيحًا ومراجعة وفهرسة، فتضافرت جهود المحقق مع جهود المركز، فجاءت هذه الطبعة في غاية من الحسن والإجادة.