- كِتَابُ (الحُجَّةُ عَلَى تَارِكِ المَحَجَّةِ) لِلشَّيخِ أَبِي الفَتْحِ؛ نَصْرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ المَقْدِسِيِّ الشَّافِعِيِّ؛ الفَقِيهِ الزَّاهِدِ نَزيلِ دِمَشْقَ، تَضَمَّنَ كِتَابُهُ ذِكْرَ أُصُولِ الدِّينِ عَلَى قَوَاعِدِ أَهْلِ الحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ، (ت ٤٩٠ هـ) (١).
- قَولُهُ: (هَوَاهُ): الهَوَى لَهُ مَعْنَيَانِ:
١ - المَيلُ إِلَى خِلَافِ الحَقِّ -وَهُوَ المَعْنَى إِذَا أُطْلِقَ اللَّفْظُ-، كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ} [ص: ٢٦].
وَكَقَولِهِ تَعَالَى أَيضًا: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَاوَى} [النَّازِعَات: ٤٠، ٤١].
٢ - المَحَبَّةُ وَالمَيلُ مُطْلَقًا، فَيَدْخُلُ فِيهِ المَيلُ إِلَى الحَقِّ وَغَيرِهِ، فيُذَمُّ وَيُمْدَحُ بِحَسْبِ المَحْبُوبِ.
وَفِي الصَّحِيحَينِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا؛ قَالَتْ: " أَمَا تَسْتَحِي المَرْأَةُ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لِلرَّجُلِ؟! فَلَمَّا نَزَلَتْ {تُرْجِئُ مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} [الأَحْزَاب: ٥١] (٢)، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ مَا أَرَى رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ" (٣).
وَعَلَى هَذَا النَّوعِ يُحْمَلُ الحَدِيثُ، أَي: لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُم الإِيمَانَ الوَاجِبَ
(١) جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ (٢/ ٣٩٣)، وَاُنْظُرِ السِّيَرَ لِلذَّهَبِيِّ (١٩/ ١٣٦).(٢) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي التَّفْسِيرِ (٦/ ٤٤٥): " {تُرْجِي} أَي: تُؤَخِّرُ {مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ} أَي: مِنَ الوَاهِبَاتِ أَنْفُسَهُنَّ، {وَتُؤْوِي إِلَيكَ مَنْ تَشَاءُ} أَي: مَنْ شِئْتَ قَبِلْتَهَا، ومَنْ شِئْتَ رَدَدْتَهَا، وَمَنْ رَدَدْتَهَا؛ فَأَنْتَ فِيهَا أَيضًا بِالخَيَارَ بَعْدَ ذَلِكَ؛ إنْ شِئْتَ عُدْتَ فِيهَا فَآوَيتَهَا، وَلِهَذَا قَالَ: {وَمَنِ ابْتَغَيتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيكَ} ".(٣) البُخَارِيُّ (٥١١٣)، وَمُسْلِمٌ (١٤٦٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute