- المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي الحَدِيثِ دِلَالَةٌ عَلَى فَضْلِ الصَّحَابَةِ -وَعَلَى رَاسِهِم الخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ-، وَكَمَا فِي البُخَارِيِّ «خَيرُ النَّاسِ قَرْنِي» (١)، وَلَكْنِ قَدْ وَرَدَ فِي نُصُوصٍ أُخَرَ صَحِيحَةٍ قَولُهُ: «إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ زَمَانَ صَبْرٍ؛ للمُتَمَسِّكِ فِيهِ أَجْرُ خَمْسِينَ شَهِيدًا»، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مِنَّا أَو مِنْهُمْ؟ قَالَ: «مِنْكُمْ» (٢)! فَمَا التَّوفِيقُ؟
وَالجَوَابُ هُوَ مِنْ وَجْهَينِ:
١ - أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ زِيَادَةِ الأَجْرِ فِي العَمَلِ زِيَادَةُ الفَضْلِ! أَي: أَنَّ الفَضْلَ الأَكْبَرَ هُوَ قَطْعًا لِلصَّحَابَةِ، وَلَكِنْ مِنَ النَّاسِ مَنْ قَدْ يُؤْجَرُ عَلَى فِعْلٍ مَا أَكْثَرَ مِمَّا يُؤْجَرُونَ هُمْ عَلَى نَفْسِ الفِعْلِ، كَالحَدِيثِ السَّابِقِ.
فَأَفْضَلِيَّةُ الصَّحَابَةِ أَفْضَلِيَّةٌ مِنْ حَيثُ العُمُومِ وَالجِنْسِ؛ لَا مِنْ حَيثُ الأَفْرَادِ مُطْلَقًا! فَلَا يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي التَّابِعِينَ مَنْ هُوَ أفضل مِنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ -مِنْ جِهَةِ العِلْمِ وَالعِبَادَةِ مَثَلًا-! أَمَّا فَضْلُ الصُّحْبَةِ؛ فَلَا يَنَالُهُ أَحَدٌ غَيرُ الصَّحَابَةِ، وَلَا
(١) البُخَارِيُّ (٢٦٥٢).(٢) صَحِيحٌ. الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ (١٠/ ١٨٢) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا. اُنْظُرِ التَّعْلِيقَ عَلَى حَدِيثِ الصَّحِيحَةِ (٤٩٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute