قَالَ في القَامُوسِ المُحِيطِ: " الظُّلْمُ -بِالضَّمِّ- وَضْعُ الشَّيءِ فِي غَيرِ مَوضِعِهِ، وَظَلَمَ الأَرْضَ: حَفَرَهَا فِي غَيرِ مَوضِعِ حَفْرِها، وَظَلَمَ البَعِيرَ: نَحَرَهُ مِنْ غَيرِ دَاءٍ. وَقَولُهُ تَعَالَى: {وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيئًا}، أَي: وَلَمْ تَنْقُصْ" (١).
وَيُقَابِلُ الظُّلْمَ العَدْلُ: وَهُوَ وَضْعُ الشَّيءِ فِي مَوضِعِهِ، وَإِذَا وُضِعَ الشَّيءُ فِي مَوضِعِهِ لِيُنَاسِبَ الغَايَةَ المَحْمُودَةَ فَهُوَ الحِكْمَةُ.
- قَولُهُ: «حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي»: أَي: مَنَعْتُ نَفْسِي مِنَ الظُّلْمِ، وَهَذِهِ صِفَةٌ سَلْبِيَّةٌ للهِ تَعَالَى تَتَضَمَّنُ كَمَالَ عَدْلِهِ تَعَالَى (٢).
وَهَذَا التَّحْرِيمُ جَعَلَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ عَلَيهِ أَحَدٌ سُبْحَانَهُ!
كَمَا كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ فِي قَولِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأَنْعَام: ٥٤]،
وَكَمَا جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ حَقًّا سُبْحَانَهُ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ المَرْفُوعِ فِي الصَّحِيحَينِ فِي قَولِهِ: «حَقُّ الِعبَادِ عَلَى اللهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيئًا» (٣)، وَكَقَولِهِ تَعَالَى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَينَا نَصْرُ المُؤْمِنِينَ} [الرُّوم: ٤٧].
- قَولُهُ: «فَلا تَظَالَمُوا»: الفَاءُ لِلتَّعْلِيلِ، أَي: لِأَنَّهُ حَرَّمَهُ تَعَالَى؛ فَلَا يَظْلِمْ بَعْضُكُم بَعْضًا (٤).
(١) القَامُوسُ المُحِيطُ (ص: ٥٢٤).(٢) وَيُعْلَمُ بِذَلِكَ خَطَأُ مَنْ يَقُولُ: اللهُ يَظْلِمُ مَنْ ظَلَمَكَ! لِمَنْ سُمِعَ مِنْهُ أَنَّهُ قَدْ ظُلِمَ.(٣) البُخَارِيُّ (٢٨٥٦)، وَمُسْلِمٌ (٣٠).(٤) وَلَا يَخفَى أَنَّ الظُّلْمَ أَنْوَاعٌ: ظُلْمُ العَبْدِ لِنَفْسِهِ بِالمَعَاصِي، وَظُلْمُهُ لِغَيرِهِ، وَالمُرَادُ بِالحَدِيثِ الثَّانِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute