ومنها: أنه قال: «إن المنصوب قد يحذف، قال (٢): وذلك لا يجوز عند البصريين إلّا في الشعر». قلت: وقد تقدم أن البصريين [١/ ٣٦٠] يجيزون ذلك في الكلام؛ لكنهم يحكمون بقلته، وتقدم النقل عن سيبويه بأنه يجيزه في قليل
من الكلام (٣).
ومنها:«أنه إذا جر العائد بحرف تبعيض فقد يحذف، قال: وليس كما ذكر إذ لا يجوز الحذف في نحو: الرغيف أكلت منه مع أنه حرف تبعيض لما يؤدي إليه الحذف من التهيئة والقطع»(٤).
قلت: الحذف عند المصنف في نحو: زيد أكرمت - جائز وإن حكم بقلته، وقد تقدم أن سيبويه يجيزه أيضا، وتقدم قبل ذلك كلام ابن أبي الربيع وهو الصحيح.
ولا شك أن في نحو: زيد أكرمت التهيئة والقطع، فكما جاز ذلك هنا جاز في:
الرغيف أكلت إذا دل دليل على المحذوف. أما إذا لم يدل دليل فلا يجوز لما يؤدي إليه من اللبس، وذلك لتوهم أن يكون أصل الكلام: الرغيف أكلته، ثم حذفت الهاء المفعولة.
ومنها: أنه إذا كان منجرّا باسم الفاعل فإنه ذكر أنه يحذف، قال: وذلك لا يجوز عند أصحابنا (٥). -
(١) أي مسألة حذف الضمير الرابط المنصوب إذا كان المبتدأ كلّا أو كلا أو اسم استفهام، وقول المصنف: إن هذا جائز بإجماع محتجّا بقراءة: وكل وعد الله الحسنى. قال أبو حيان: إن هذا ليس مذهب البصريين. قال ناظر الجيش: «الإجماع في هذه المسألة لا ينكر؛ لأن هذه القراءة ثابتة بالإجماع». (٢) القائل الأول هو ابن مالك، والقائل الثاني هو أبو حيان، وانظر التذييل والتكميل (٤/ ٤٧). (٣) قال الشارح: وقد ذكر سيبويه أن الضّمير لا يحذف من خبر المبتدأ إلا في الشّعر أو في قليل من الكلام». وقال: قال المصنف: «فلو كان المبتدأ غير كلّ والضمير مفعول به لم يجز عند الكوفيين حذفه مع بقاء الرفع إلا في الاضطرار، والبصريون يجيزون ذلك في الاختيار ويرونه ضعيفا، ومنه قراءة السلمي: (أفحكم الجاهلية يبغون) أي بالرفع على الابتداء. (٤) التذييل والتكميل (٤/ ٤٧). (٥) انظر: التذييل والتكميل (٤/ ٤٧). والعجب من الشارح ينتصر لابن مالك: إن أبا حيان قال في المسألة: وذلك لا يجوز عند أصحابنا، وإن جاء منه شيء فبابه الشعر. قال الشارح: وقد استدل ابن مالك على جواز ذلك بما تقدم ذكره. -