منكم ويذرون أزواجا يتربصن، فيكون كالاعتداد بالمحذوف في قول حسان رضي الله عنه:
٦٢٥ - يسقون من ورد البريص عليهم ... بردى يصفّق بالرّحيق السّلسل (١)
يريد ماء بردى، وقيل: التقدير ومما يتلى عليكم حكم الذين يتوفون منكم (٢) ثم ابتدأ يتربصن لتفسير المتلوّ، وقيل: التقدير يتربصن بعدهم، وقيل: التقدير أزواجهم يتربصن.
وإذ قد تلخص هذا الموضع وتبين معنى كلام المصنف، فأنا أورد ما أوردوه من ذكر الروابط المتفق عليها والمختلف فيها جملة كما أوردوه من غير تفسير، قالوا: الروابط المتفق عليها خمسة أشياء:
ضمير المبتدأ، وتكرار المبتدأ بلفظه، وأكثر ما يكون ذلك في مواضع التهويل والتفخيم وإشارة إلى المبتدأ والعموم نحو: زيد نعم الرجل، وقول القائل: -
- أنه ترك الإخبار عن الذين، وأخبر عن الزوجات المتصل ذكرهن بالذين؛ لأن الحديث يعمهن في الاعتداد بالأشهر، فجاء الإخبار عما هو المقصود. قال: وهو قول الفراء. (١) البيت من بحر الكامل من قصيدة طويلة لحسان بن ثابت يتحدث فيها عن أيام لهوه وشبابه وشربه الخمر، وقبل بيت الشاهد يقول حسان: لله درّ عصابة نادمتهم ... يوما بجلّق في الزمان الأوّل أولاد جفنة عند قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل يسقون من ورد ... بيت الشاهد. (انظر ديوان حسان: ص ١٢٢). اللغة: البريص: موضع بدمشق وقيل: نهر بها. يصفّق: يحول من إناء لإناء ليصفى. الرّحيق السلسل: الرحيق الصافي والسهل من الخمر. وحسان يمدح هؤلاء القوم بالكرم، وأنهم لا يسقون الماء إلا ممزوجا بالخمر لسعتهم وكرمهم وتعظيم من يرد عليهم. الإعراب: بردى: مفعول ثان ليسقون، ويصفق: جملة حالية منه. الشاهد فيه قوله: بردى يصفق، حيث قام المضاف إليه مقام المضاف؛ لأن الشاعر أراد ماء بردى، ولو لم يرد الماء لقال: يصفق؛ لأن بردى مؤنث. والبيت في معجم الشواهد (ص ٣١٨). وفي شرح التسهيل (٣/ ٣٦٦). (٢) هو ما قدره سيبويه في آيةالاشتغال المشهورة الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ [النور: ٢]. انظر الكتاب (١/ ١٤٢).