ضعف؛ لأن الجواب ينبغي أن يسلك به سبيل السؤال، والمقدم في السؤال هو المبتدأ فكان هو المقدم في الجواب، ولأن الأصل تقديم المبتدأ (١) فترك في مثل: عندي درهم لأن التأخير يوهم الوصفية، وذلك مأمون فيما هو جواب، فلم يعدل عن الأصل بلا سبب.
السابع عشر: كونها واجبة التصدير كقولك: من عندك؟ وكم درهما لك؟
فمن وكم نكرتان، وجاز الابتداء بهما لأنهما بمنزلة نكرة مسبوقة باستفهام لتضمنها معنى معرفة.
الثامن عشر: كونها مقدرا إيجابها بعد نفي كقولهم: شرّ أهرّ ذا ناب (٢) لأنه بمعنى ما أهر ذا ناب إلا شر، وشيء ما جاء بك إن جعلنا ما زائدة. أما إن جعلنا صفة كقولهم: ائتني بدرهم ما، فلا تكون المسألة مما نحن فيه، ومنه قول الشاعر:
٥٨٢ - قدر أحلّك ذا المجاز وقد أرى ... وأبيّ ما لك ذو المجاز بدار (٣)
وقال الآخر:
٥٨٣ - قضاء رمى الأشقى بسهم شقائه ... وأغرى بسبل الخير كلّ سعيد (٤)
-
(١) في نسخة الأصل: ولأن الأصل تأخير الخبر، وهما سواء. (٢) انظر كتاب سيبويه: (١/ ٣٢٩) ومجمع الأمثال (١/ ٣٧٠). (٣) البيت من بحر الكامل وهو لمؤرج السلمي شاعر إسلامي، من شعراء الدولة الأموية، وهو في الهجاء كما يظهر من معناه. اللغة: قدر: قضاء الله. ذا المجاز: موضع سوق للعرب. وفي كلمة أبيّ كلام كثير (أمالي ابن الشجري: ٢/ ٣٧) أحسنه أنه جمع مذكر سالم مضاف لياء المتكلم. ما لك: أي ليس لك. بدار: أي بمكان للإقامة. والمعنى: ما نزلت بذي المجاز إلا لقضاء الله وقدره، ثم حلف بآبائه إن هذا المكان عظيم، ولا يستحقه صاحبه، ولا يجوز أن يكون دارا له. الشاهد فيه: جواز الابتداء بالنكرة؛ لأن النفي داخل عليها في المعنى، وأصل الكلام: ما أحلك ذا المجاز إلا قدر. والبيت في شرح المصنف: (٤٨) وفي التذييل والتكميل (٣/ ٣٣١) وفي معجم الشواهد (ص ١٧٩). (٤) البيت من بحر الطويل غير معروف قائله. والمعنى: أن القضاء المقدر من الأزل هو الذي يدفع الشقي إلى فعل الشقاء والشر، وكذلك يدفع السعيد إلى فعل الخير والعمل الجميل. وشاهده: كالذي قبله، وهو الابتداء بالنكرة لتقدير إيجابها بعد نفي، والمعنى: ما رمى الأشقى إلا قضاء. والبيت في شرح التسهيل لابن مالك (١/ ٢٩٦) والتذييل والتكميل (٣/ ٣٣١).