الثالث: أنه أطلق التجرد ولم يقيده؛ فلزم من ذلك ألا يكون مبتدأ ولا خبرا ما جر منهما بحرف جر زائد نحو: ما فيها من أحد و [نحو قول الشاعر](١):
٥٣٧ - [يقول إذا اقلولى عليها وأقردت ... ألا] هل أخو عيش لذيذ بدائم (٢)
قال الشيخ (٣): «أما الوجه الأول من الثلاثة فيمكن أن ينعكس فيقال: التجرد والتعرية هو العامل والابتداء شرط في عمل التجرد».
وأما الوجه الثاني: فيقال في الجواب عنه:
«اتحد تجرد المبتدأ وتجرد الخبر من حيث الدلالة والاشتراك في القدر المشترك دون ما يخص كلّ واحد منهما، فليسا تجردين وإنما هما تجرد واحد».
وأما الوجه الثالث: فالجواب عنه: أنه قد تقرر أن العامل الزائد كلا عامل في باب الفاعل وفي باب المبتدأ وغيرهما،
فلا حاجة إلى التقييد.
قال (٤): وقد صحح ابن عصفور وبعض شيوخنا هذا المذهب، قالوا: وقد وجد التعري عاملا بشرط أن يكون المعرّى قد ركب من وجه ما حكى سيبويه (٥): «أنّهم يقولون: واحد واثنان وثلاثة [١/ ٣٠١] وأربعة إذا عدّوا ولم يقصدوا الإخبار -
(١) زيادة من عندنا. (٢) البيت من بحر الطويل، وهو في الهجاء المقذع، قال ابن منظور في لسان العرب (قرد): البيت للفرزدق يذكر امرأة إذا علاها الفحل أقرت وسكنت وطلبت أن يكون فعله متصلا، والبيت لأنه من الهجاء الشنيع حذفه محقق الديوان من شعر الفرزدق فلم أجده فيه. اللغة: اقلولى: ارتفع وعلا. أقردت: سكنت. ويستشهد بالبيت على: أن الباء قد زيدت في خبر المبتدأ، وفيه رد على أن المبتدأ والخبر مرفوعان بالتجرد. وتروى الشطرة الثانية هكذا: ألا ليت ذا العيش اللّذيذ بدائم. وشاهده: زيادة الباء في خير ليت. والبيت في معجم الشواهد (ص ٣٩٤) وهو في التذييل والتكميل (٣/ ٢٦٢). وفي شرح التسهيل (١/ ٢٧٢). (٣) التذييل والتكميل (٣/ ٢٦٢). (٤) المرجع السابق، ومذهب ابن عصفور في كتابه شرح الجمل (١/ ٣٤٠، ٣٤٢) وقد نص على صحته واختياره. (٥) انظر في هذا النص المسند إلى سيبويه: التذييل والتكميل (٣/ ٢٦٣). وقد بحثت عنه في الكتاب فلم أجده.