أي: فما أصنع، وقالوا في حيهلا: حيهله، وقد جوزوا أن تكون الهاء في إنه وحيهله هاء السكت، وأما إبدالها من الياء ففي كلمتين: إحداهما: هذي، قالوا: هذه، والياء هي الأصل، بدليل تحقيرهم ذا: ذيّا، وذي تأنيث ذا، فكما لم توجد الهاء في المذكر تكون في المؤنث أصلا، والكلمة الثانية: هنيّة وهي تصغير هنة. وأصله: هنيوة بدليل: هنوان (٢)، فاللام التي حذفت وهي واو ردت في التصغير، وانقلبت من أجل ياء التصغير ياء فقالوا: هنيّة، ثم إنهم أبدلوا من الياء المنقلبة هاء فقالوا: هنيهة. قال الشيخ: وقد تقدم في استنواء أن سيبويه أجاز أن تكون الياء بدلا من الواو ومن الياء، قال: فيمكن ذلك في هنيهة.
المسألة الثانية:
أن الهاء يؤتى بها عوضا عن عين الكلمة التي أتي بها فيها، نحو: أهراق، وأن السين يؤتى بها عوضا عن سلامة عين الكلمة التي أتي بها فيها أيضا نحو: اسطاع، فإنها والسين قد اشتركا في هذا الحكم وكذا قرب بينهما في الذكر. قال الشيخ: لما كانت عين أراق وأطاع إذا أسند الفعل إلى ما سكن له آخره انحذفت ولا يثبت؟
فيقال: أرقت وأطعت، وحين يسند لما لا يسكن آخر الفعل له يعتل بنقل حركتها إلى الساكن قبلها وانقلابها ألفا، نحو: أراق وأطاع؛ عوضوا عن أرق بدلا من سلامة العين الهاء، وفي أطاع السين، وهذا التعويض شذوذ لا يطرد في شيء من -
(١) من مجزوء الرجز وهو من شواهد: سر الصناعة (٢/ ٢٩٠)، والمقرب (٢/ ٣٢)، والرضي (٣/ ٢٢٤)، وشرح شواهد الشافية (ص ٤٧٩)، وابن يعيش (٣/ ١٣٨)، (٤/ ٦)، (٩/ ٨١)، والمساعد (٤/ ٢٣٧)، والمحتسب (١/ ٢٧٧) والهمع (١/ ٥٢) وروايته: قد أقبلت من أمكنه والورد: الوصول إلى الماء دون الدخول فيه، والمعنى: إن لم أرو هذه الإبل الواردة من هنا ومن هنا فما أصنع؟ أو إن لم أروها فمه؟: أي اكنف عني على جواز ابن جني الذي ذهب إليه. (٢) الهنوات: الأشياء اليسيرة، والأشياء التي يستقبح ذكرها، اللسان «هنا»، وانظر: ابن يعيش (١٠/ ٤٠، ٤٤).