فقلبوا السين تاء، ثم أدغموا (١)، وسيأتي الكلام عليه في الإدغام إن شاء الله تعالى، إلا أن الإبدال في الكلمة المذكورة إبدال على جهة اللزوم، وفي بقية [٦/ ٢١٠] الكلمات على جهة الشذوذ، وشاهد الإبدال في الناس والأكياس ما أنشد أحمد ابن يحيى:
٤٣٦٣ - يا قاتل الله بني السّعلاة ... عمرو بن يربوع شرار النّات
غير أعفّاء ولا أكيات (٢)
وأما: طسّ فقالوا فيه: طست، والدليل على أن التاء بدل من السين أن: طسّا أكثر استعمالا من: طست (٣) وإنما أبدلت التاء من السين لموافقتها إياها في الهمس وتجاور المخرج، وأما إبدالها (من الصاد)(٤) ففي ما ذكره المصنف: هو لصت.
الأصل فيه: لصّ، وقالوا في الجمع: لصوت بالإبدال أيضا. والأصل: لصوص، وإنما جعل لص أصلا لكثرة استعماله وقلّة لصت (٥)، ولم يمثلوا لإبدال التاء من الصاد بغير هذه الكلمة. وأما إبدال التاء من هاء، وإبدال الهاء منها فقال الشيخ في الأول: مثال ذلك ما تأوله بعضهم في قول الشاعر:
٤٣٦٤ - العاطفون تحين ما من عاطف (٦)
-
(١) انظر: الكتاب (٢/ ٢٠٨، ٣٢٨، ٤٠١) (بولاق). (٢) رجز لعلباء بن أرقم اليشكري بن عوف: شاعر جاهلي كان معاصرا للنعمان بن المنذر، والمنادى في قوله: يا قاتل الله محذوف، والتقدير: يا قوم، أو أن الياء للتنبيه، والجملة دعاء عليهم بالهلاك لعدم عفتهم وعدم كياستهم، وروي: يا قبّح الله، والسّعلاة بالكسر: هي أنثى الغول، وقيل: ساحرة الجن. وانظره في: معجم الشعراء (ص ١٦٩)، وشرح شواهد الشافية (ص ٤٦٩، ٤٧٠)، والرضي (٣/ ٢٢١)، وابن يعيش (١٠/ ٣٦، ٤١)، والخصائص (٢/ ٥٣)، ونوادر أبي زيد (ص ١٠٤)، والتذييل (٦/ ٢٠٣ أ)، والممتع (١/ ٣٨٩) واللسان «أنس» و «مرس». (٣) الممتع (١/ ٣٨٩، ٣٩٠). (٤) سقطت من النسختين والمعنى يقتضيها فأثبتها. (٥) الممتع (١/ ٣٩٠) والمقرب (٢/ ١٧٥). (٦) من الكامل قائله أبو وجزة السعدي وهو صدر بيت عجزه: والمطعمون زمان أين المطعم وقد أنشده ابن منظور في اللسان «ح ي ن» عن ابن سيده وعن الجوهري ونسبه في المرتين لأبي وجزة، وقد لفق كل واحد من هؤلاء الأئمة البيت من بيتين وصواب الإنشاد هكذا: العاطفون تحين ما من عاطف ... والمسبغون يدا إذا ما أنعموا -