أي: وهذا الثالث. وأما إبدالها من الراء ففي: قيراط، وشيراز وتسريت، أما قيراط وشيراز فالأصل فيهما إقراط وشرّاز فأبدلوا الياء من الراء الأولى فرارا من التضعيف، والدليل على أن الأصل فيهما ذلك قولهم: قراريط وشراريز، وأما:
تسرّيت فأصله: تسرّرت، لأنه تفعّلت من السّرّية، والسرية فعلية من السرور؛ لأن صاحبها يسرّ بها، أو من السر؛ لأن صاحبها يسرّ أمرها عن حرمه وربة منزله (١).
قال ابن عصفور: ومن جعل سرّيّة فعّيلة من سراة الشيء وهو أعلاه كانت اللام من تسريت واوا أبدلت ياء لوقوعها خامسة؛ لأن السراة من الواو بدليل قولهم في جمعه: سروات. قال: والذي ينبغي أن يحمل عليه سرية أنه فعليّة من السّر أو من السرور (٢)، انتهى. واعلم أن الإبدال المذكور في هاتين الكلمتين أعني نحو: قيراط وتسريت إبدال لازم، والأمر فيه كما تقدم في دينار، وأما إبدالها من اللام ففي:
أمليت الكتاب (٣)، الأصل: أمللت الكتاب، فأبدلت اللام الثانية ياء فرارا من التضعيف، وقد جاء القرآن العزيز باللغتين. قال تعالى: فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٤) وقال عزّ وجلّ: (وليملل الذى عليه الحق)(٥) وإنما جعلت اللام هي الأصل لأن: أمللت أكثر من أمليت (٦)، وأما إبدالها من الصاد ففي قصيت أظفاري، الأصل: قصصت أظفاري، فأبدلوا من الصاد الثانية ياء فرارا من اجتماع الأمثال (٧). وأما إبدالها من الضاد فكما في قول العجاج:
٤٣٥٧ - تقضّى البازي إذا البازي كسر (٨)
-
- وضرائر الشعر (ص ٢٢٧)، والمساعد (٤/ ٢٢١)، والهمع (٢/ ١٥٧)، وابن يعيش (١٠/ ٢٤، ٢٨)، والممتع (١/ ٣٧٨)، والمقرب (١/ ٣١٥)، واللسان «ثلث». (١) منقول من الممتع (١/ ٣٧٠). (٢) المرجع السابق. (٣) انظر: الممتع (١/ ٣٧٣)، والرضي (٣/ ٢١٠). (٤) سورة الفرقان: ٥. (٥) سورة البقرة: ٢٨٢. (٦) انظر: الممتع (١/ ٣٧٣). (٧) المرجع السابق (١/ ٣٧٤). (٨) رجز أنشده العجاج في مدح عمر بن معمر وقبله: إذا الكرام ابتدروا الباغ بدر والمراد بالباغ هنا: الشرف والكرم، وبدر: أسرع، والشاهد فيه قوله: تقضى البازي إذ أصله: تقضض البازي، فاجتمع فيه ثلاث ضادات فأبدلوا من إحداها ياء، كما قالوا في تظنى: من الظن، يقال: انقض الطائر: هوى في طيرانه، وانظره في أمالي القالي (٢/ ١٧١)، والخصائص (٢/ ٩٠)، والمحتسب -